معتمرون يتهمون وكالات سياحية بالنصب والاحتيال..”عمرة رمضان”…ملايين تُدفَعْ مقابل خدمات لا تقنع…أصحاب الوكالات تطالُهم “دعاوي شرْ” في الشهر الفضيل

elmaouid

 في شهرٍ يُوصف بشهر الرحمة والعباداتْ يتلهّفُ البعض للتقرب من الله وزيارة بيوت الرحمن، فيستغل “عمرة رمضان” للتوجه إلى البقاع المقدسة من أجل طلب الثوابْ، المغفرةْ والدعاءْ بصالحِ الأعمالْ، لكن سرعان ما تنقلب إلى “دعاوِي شر” يذهب ضحاياها أصحاب الوكالات السياحية الذين يُعطون مجرّد وُعود مُقابِل ملايين من الأموالْ.

يشتكي عدّة معتمرين  من نوعية الخدمات التي تقدمها بعض الوكالات السياحية المعتمدة من طرف الديوان الوطني للحج والعمرة لتنظيم رحلات إلى البقاع المقدسة، حيث تتعدد تجاوزاتهم ولامبالاتهم وتهربهم من مسؤولياتهم بداية بالفوضى التي تميز أغلب الرحلات وظروف الإقامة في الأراضي المقدسة إضافة الى طبيعة المعاملات التي يتلقونها مع ممثلي هذه الوكالات.

 

المطارات..بداية المشاكل

بداية المشاكل التي لمستها “الموعد اليومي” بين المعتمرين والوكالات السياحية المُنظِمة تنطلق مع انطلاق أولى الرحلات من أرض الوطن باتجاه البقاع المقدسة، حيث يُترك المعتمر وحيدا متخبطا وسط الإجراءات الإدارية في المطار دون أدنى مساعدة أو اهتمام من ممثلي الوكالات الذين يتهربون من القيام بمهامهم.

 

إدراج معتمرين من عائلة واحدة في رحلتين منفصلتين

ومن بين المشاكل التي وقع فيها معتمرو رمضان هذه السنة أثناء سفرهم إلى البقاع المقدسة هي قيام الخطوط الجوية الجزائرية بمطار قسنطينة بتقسيم معتمرين من نفس العائلة ومن نفس الوكالة إلى رحلتين منفصلتين دون أي تدخل من الوكالة، والغريب من ذلك أن هاتين الرحلتين لا تسلكان  الاتجاه نفسه، فالأولى تتجه إلى مكة والثانية إلى المدينة، ما يخلق فوضى وتيهان المعتمرين بمجرد وصولهم، وهو المشكل الذي يتحمله مناصفة الوكالات السياحية وشركة الخطوط الجوية لسوء التسيير والتنسيق بينهما.

 

الأراضي المقدسة..شوط ثان للملاسنات والمشادات

الجزء الثاني للملاسنات بين المعتمرين والوكالات السياحية تشهد عليه أراضي البقاع المقدسة، فبمجرد الوصول إلى المطارات السعودية حتى تنطلق المشادات بين الطرفين بعد اصطدام المعتمر بحجم الفرق بين الوعود التي سمعها من الوكالة وما يجده على أرض الواقع إضافة إلى لامبالاة ممثلي هذه الوكالات وتركهم المعتمرين لوحدهم يتخبطون في المشاكل.

 

النقل، الفنادق والإطعام ثالوث يعصف بالعلاقة

ومن أبرز المشاكل التي تشعل شرارة الكهرباء وتلهب ألسنة النيران بين المعتمرين ومن أوكلوا لهم مهمة رعايتهم والاهتمام بهم، مشكلة انعدام النقل ومسافة بُعد الفندق عن الحرم إضافة إلى الخدمات الرديئة التي يقدمها، حيث كثيرا ما يصدم المعتمر بحجز الوكالات في فنادق قديمة لا تليق بالعيش الكريم، تغيب فيها المصاعد كما أنها تحتوي على أفرشة قديمة إضافة إلى أنها تعج بالروائح الكريهة التي لا تطاق ولا تحتمل، ناهيك عن المشاكل الأخرى المتعلقة بالإطعام والتوجيه والمرافقة.

 

الديوان الوطني للحج والعمرة مطالب بمراقبة أكثر لعمل الوكالات

ويدعو المعتمرون الديوان الوطني للحج والعمرة إلى مراقبة أكثر لعمل الوكالات في البقاع المقدسة والوقوف على الوعود الكاذبة التي يطلقونها والتي يمنّون بها المعتمرين مستغلين لهفتهم وشوقهم لبيت الله والأماكن المقدسة، كما طالبوا بتواجدهم في المكان المناسب والتدخل لمعالجة أي طارئ أو عند وجود أي مشكل بغية الارتقاء بوجود الديوان في حياة المعتمر.

 

وضع لجان متابعة بالمطارات والبقاع المقدسة لمراقبة عمل الوكالات

من جهته، أكد الديوان الوطني للحج والعمرة أنه تم وضع لجان المتابعة في جميع المطارات التي ينطلق منها المعتمرون بالإضافة إلى وضع لجان أخرى بالبقاع المقدسة وذلك بغية مراقبة عمل الوكالات السياحية ومدى احترامها لوعودها واعتنائها براحة المعتمرين.

وأوضح الديوان أن مصالحه قامت ضمن عملها الرامي إلى مرافقة ومتابعة وكالات السياحة والأسفار المنظمة للعمرة، بإيفاد إطارات منه إلى عدة مطارات من بينها مطار محمد بوضياف بقسنطينة للوقوف على ظروف التكفل بالمعتمرين، إضافة إلى إرسال بعثات خاصة بالمراقبة إلى البقاع المقدسة من أجل مراقبة نوعية الخدمات التي تقدمها الوكالات السياحية للمعتمرين.

كما أكد الديوان أنه يسهر على تنفيذ وإنجاح كامل الخدمات التي يحتاجها المعتمرون من إقامة وإطعام ونقل وخدمات أخرى في المشاعر بالإضافة إلى التوجيه الديني والإرشاد الشرعي وكذا المرافقة الميدانية والمتابعة الصحية وخدمات أخرى متميزة وهذا طيلة عمرة رمضان إلى غاية العودة إلى أرض الوطن.

 

تقديم وجبات إفطار بالمطارات للمعتمرين الذين تتزامن رحلاتهم وقت المغرب

ويقوم الديوان الوطني للحج والعمرة منذ بداية شهر رمضان الكريم بتوفير وجبات إفطار متميزة للمعتمرين المتوجهين إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة، وعلى الرغم من الازدياد الكبير لعدد المعتمرين وخاصة خلال هذا الشهر المبارك الذي يُفضل فيه الجزائريون أداء هذا النسك العظيم، إلا أن الديوان حرص على التواجد بمطارات الإقلاع للوقوف على ظروف التكفل وأحوال تنقل المعتمرين إلى البقاع المقدسة بالإضافة إلى تقديمه وجبات إفطار متميزة، حيث يتم تقديم أكثر من 300 وجبة إفطار في كل رحلة تتزامع وقت الإفطار لفائدة المعتمرين وذلك بالتنسيق مع مجلس سبل الخيرات.

 

وكالات سياحية تُبرئ ذممها وتتّهم..

بدورهم، دافع بعض مديري وكالات السياحة التي تم اعتمادها لتأطير تنقل المعتمرين خلال شهر رمضان هذه السنة في حديثهم إلى “الموعد اليومي” عن نفسهم وبرأوا ذممهم من كل هذه الاتهامات، مؤكدين أنهم يسعون بكل الإمكانات إلى خدمة المعتمر الجزائري في البقاع المقدسة.

كما أقر هؤلاء ببعض المشاكل والعراقيل التي تتخلل عملية تنظيم هذه الرحلات مثل تأخر مواعيد الانطلاق والنقل والإيواء، لكنهم في الوقت نفسه أكدوا أنها تبقى في كثير من الأحيان خارجة عن نطاقهم، ملقين باللوم على بعض الهيئات والمؤسسات الأخرى المنظمة على غرار شركة الخطوط الجوية الجزائرية وبيروقراطية الإدارة.

 

مدير وكالة الزعاطشة للسياحة والأسفار لـ”الموعد اليومي”:

عقلية بعضُ حُجّاجنا “سُوسْيالْ” يُريدون كُل شيء بالمجّانْ

الزبون يتعامل مع “السمْسارْ” ويُلقي باللّوم على الوكالات

أعاب مدير وكالة الزعاطشة للسياحة والأسفار، مواقي بناني مراد، عقلية “السوسيال” التي تميز أغلبية الحجاج والمعتمرين الجزائريين واصفا إياهم بأصعب الزبائن في العالم كونهم يريدون أجود الخدمات بالمجان.

وأوضح مواقي بناني في تصريح خص به “الموعد اليومي” أن الحاج أوالمعتمر الجزائري يريد أن يقيم في أرقى المرافق وتوفر له أجود الخدمات دون أن يدفع ثمن ذلك، مضيفا أنهم كثيرا ما يقارنون أنفسهم مع الحجاج من الدول الأخرى الذين يدفعون أموالا باهظة من أجل أن يلقوا خدمات جيدة، داعيا إياهم الى الدفع أكثر إذا ما أرادوا خدمات أكبر.

ودعا مواقي بناني، الحاج والمعتمر الجزائري إلى التفريق بين الرحلة السياحية التي هدفها الراحة والاستجمام ورحلة الحج والعمرة التي تستدعي -بحسبه- تحمل الصعاب والمشقة، مضيفا أن الجميع الآن بما فيها وكالته تقوم بمجهودات كبيرة من أجل تفسير وفهم عقلية الزبون الجزائري من خلال الاحتكاك المباشر بينه وبين الوكالات السياحية.

وعن الشكاوى الدائمة التي تطال الوكالات السياحية في كل موسم واتهامها بالتنصل من مسؤولياتها، أكد مدير وكالة الزعاطشة أن السبب يعود الى أن الزبائن يتعاملون مع السماسرة في البداية ويلقون اللوم على الوكالات السياحية في النهاية، مؤكدا أن الخطأ يتحمله الزبون لوحده لأنه عوض أن يتوجه الى الوكالة مباشرة يتجه إلى السمسار.

وفيما يخص الأسعار التي تعتمدها وكالته التي تتواجد في الميدان لمدة تزيد على 15 سنة، أكد مواقي أن تكلفة عمرة رمضان تتراوح ما بين 28 مليون و70 مليون سنتيم، تختلف باختلاف الخدمات المقدمة سواء من نوعية الفندق وبعده أو قربه أو عدد الغرف أو نوعية الرحلة التي تكون مباشرة أو غير مباشرة.

وعن الميزة التي تميز وكالته عن باقي الوكالات السياحية الأخرى أكد  المتحدث ذاته أن خدمة الـ VIP هي الميزة الرئيسية للوكالة، مضيفا أنه خلال سنة 2016 فقط نقلت وكالته حوالي 9000 معتمر و 520 حاج إلى البقاع المقدسة.

 

مدير وكالة بن علي للسياحة والأسفار.. لـ”الموعد اليومي”:

الوكالات السياحية تدفع ثمن مشاكل تخلقها أطراف معينة

 

اعتبر مدير وكالة بن علي للسياحة والأسفار، بن علي عمر، أن بعض العراقيل الخارجة عن نطاق الوكالات السياحية تُعدّ السبب الرئيسي في موجة السخط والتذمر التي تطال الوكالات السياحية في كل موسم حج وعمرة، في حين اعتبر أن الأسعار التي تضعها وكالته فيما يخص عمرة رمضان لسنة 2017 تبقى في متناول الجميع.

وأوضح بن علي عمر في تصريحه لـ”الموعد اليومي” أن بعض الحجاج والمعتمرين يحمّلون -عن جهل- الوكالات السياحية مسؤولية مشاكل تكون خارج نطاقها تماما، مضيفا أن هذه التهم هي التي تعطي صورة سوداوية عن عمل الوكالات خلال كل موسم حج وعمرة.

وأعطى مدير وكالة بن علي مثالا عن مشكل نقص الطيران المباشر والمضاربة في أسعاره وتأخر الرحلات وهي كلها مشاكل خارجة تماما عن نطاق الوكالات إلا أن بعض الحجاج والمعتمرين يحملون الوكالات السياحية مسؤولية هذه المشاكل ويربطونها بها.

وفيما يخص الأسعار التي تعتمدها وكالته خلال عمرة رمضان لهذه السنة، أكد بن علي أن وكالته التي تتواجد في الميدان منذ سنة 2011 تضع أسعارا في متناول الجميع تتراوح بين 165000 دج لمدة 15 يوما الأولى من شهر رمضان و268000 دج طيلة شهر كامل، مضيفا أن نوعية الفنادق ومدى قربها من الحرم المكي هي التي تحدد هذه الأسعار، في حين تتراوح أسعار العمرة خارج أيام رمضان بين 108000 دج و14 مليون سنتيم.

وعن الميزات التي تميز وكالته عن باقي الوكالات السياحية الأخرى، أكد بن علي أن الصراحة التي تتعامل بها مع زبائنها والثقة المتبادلة بينهما ونوعية الخدمات التي تقدمها هي كلها أمور تميز الوكالة وتضمن لها زبائن دائمين لها.

 

 

المدير العام للوكالة السياحية “بريما تور”.. لـ”الموعد اليومي”:

خبرتنا في الميدان جنّبت  الحجاج والمعتمرين مشاكل عدة

 

اعتبر المدير العام للوكالة السياحية “بريما تور”، محي الدين بن نية، أن وكالته تسعى في كل موسم حج وعمرة إلى تحسين خدماتها وتطويرها لتكون في مستوى تطلعات زبائنها، مضيفا أن الخبرة التي اكتسبتها منذ اعتمادها ساهمت في تجنيب مشاكل عدة عن الحجاج والمعتمرين.

وأوضح محي الدين بن نية في تصريح لـ”الموعد اليومي” أن وكالته التي تأسست سنة 2005 تسعى في كل مناسبة إلى ترقية خدماتها وتطويرها حتى تواكب تطور مجال السياحة العالمية وتكون في مستوى الثقة التي منحها زبائنها، مضيفا أنه رغم تسجيل بعض النقائص في بعض الحالات إلا أن وكالته تسير في طريق الاحترافية.

وأضاف المدير العام للوكالة السياحية “بريما تور” أنه منذ منحه اعتماد تنظيم رحلات العمرة سنة 2005 والحج سنة 2012 ووكالته تسعى لأن تكون في مستوى تطلعات الحجاج والمعتمرين، مؤكدا أن خبرة الوكالة التي تتجاوز العشر سنوات ساهمت في كثير من المرات تجنيب الحجاج والمعتمرين مشاكل عدة.

وفيما يخص الأسعار التي تعتمدها الوكالة التي يتواجد مقرها الرئيسي ببلدية دالي براهيم بالعاصمة، أكد بن نية أن عمرة رمضان تتراوح بين 16 و30 مليون سنتيم يدخل في احتسابها مسافة الفندق ونوعيته بالإضافة إلى توفر النقل ووجبة الإفطار وغيرها، في حين تبلغ تكلفة العمرة خارج شهر رمضان 114000 دج في رحلة غير مباشرة وفندق يبعد بمسافة 2 كيلومتر و15 مليون سنتيم برحلة مباشرة وإقامة في فندق لا يبعد إلا 400 متر عن الحرم.

وشأنه شأن بعض الوكالات السياحية الأخرى، اشتكى مدير وكالة “بريما تور” من مشكل الرحلات والطائرات غير الكافية خاصة في شهر رمضان ناهيك عن تأخر الرحلات وهو الأمر الذي يثير سخط الزبائن.

 

مصطفى عمران