عقب الفاتح من نوفمبر 1954 شنت قوات الاحتلال الفرنسي حملات مداهمة واسعة بغسيرة بباتنة لاسترجاع الأسلحة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، ولما أيقنت بأن القتل وحرق القرى ونهب الممتلكات لم يثن السكان عن الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني، اهتدت بإيعاز من الخونة “الحركى” إلى استحداث سجن للنساء، الذي أقامته بقرية تفلفال، للضغط على المجاهدين والتضييق على الثورة.
وقد وصفت بعض السجينات ومنهن عبيد الله ذهبية، ونصراوي هنية، والشامخة بن رحمون، المعتقل بأنه كان منزلا كبيرا يضم 10 غرف وساحة، خال من أبسط الضروريات تم نهبه من أحد السكان وحولت إليه في البداية حوالي 20 امرأة.
وكان على نزيلات سجن تفلفال، -تضيف المتحدثات- الالتحاق به دون أطفالهن ما عدا الرضع، والذين يقل عمرهم عن ثلاث سنوات مع غروب شمس كل يوم للمبيت فيه في ظروف لا إنسانية إلى غاية صباح اليوم الموالي ليعدن إلى مساكنهن دون مراعاة البعد أو تضاريس المنطقة الوعرة.
وفي كل ليلة، تتم المناداة من طرف الجنود الفرنسيين على النساء اللواتي زج بهن في المعتقل، والتي تتخلف تتعرض للعقاب وقد يطلق عليها النار.
ولم تنته مآسي النزيلات بانهيار المعتقل الأول، تروي السجينات، لأن العدو فتح معتقلا جديدا بالمكان المسمى “إسقسوقن” بتفلفال، وجمع فيه زوجات مجاهدي غسيرة وما جاورها وفاق عددهن الـ 300 امرأة وفرض عليهن الإقامة الجبرية فيه ولا يغادرنه إلا لثلاث أو أربع ساعات لجلب الطعام لهن ولأطفالهن، لأن المستعمر لا يوفر أدنى الضروريات بالسجن، الذي بقين فيه إلى غاية الاستقلال.







