الجزائر -أكدت التدخلات التي صدرت عن خبراء في اليوم الدراسي الذي نظمه التكتل النقابي أن مطالبة النقابات بالزيادة في أجور العمال لرفع قدرتهم الشرائية بات أمرا غير مجد اليوم، بالنظر للتضخم، مقترحين تحول
الطلب إلى توزيع المداخيل الوطنية على العمال.
وقال الدكتور فرحات آيت علي، الخبير في المال والأعمال، إنه حتى إن استجابت الحكومة، في رأيه، لهذا المطلب فإن ذلك لن يزيد موضوع القدرة الشرائية في الجزائر إلا تعقيداً، نظراَ للتضخم وانهيار قيمة العملة الوطنية وعدم وجود اقتصاد منتج. واقترح المحاضر أن يتحول المطلب إلى الدفاع على إعادة توزيع المداخيل الوطنية، وذلك من خلال وضع شبكة جديدة للأجور تكون مركزة وأكثر إنصاف للحفاظ على القدرة الشرائية للجميع، إذ لا يوجد اليوم في العالم من يتقاضى عشر 10 مرات le SMIG إلا في الجزائر، كما لا يعقل أن تبقى القمة الهـرمية (الإطارات السامية) التي تقدر بأقل من 20 % من مجموع العمال في الجزائر تستحوذ على 85 % من الكتلة النقدية المخصصة للأجور، في حين لا تستفيد القاعدة الهرمية للعمال والأجراء المقدرة بـأكثر من 80 % إلاَ من 15 %، وهذا يخالف طبعاَ ما هو معمول به في العالم أجمع.
وحث الدكتور فرحات آيت علي النقابات على تبني هذا الخيار المطلبي وشدد على ضرورة تنازل الفئة الأكثر استفادة من الأجور إلى الفئة الأقل استفادة لما لهذه الأخيرة من أهمية في تجنيب البلد من انفجار اجتماعي وسياسي محتمل، وهذا في إطار المحاضرة التي عالجت “إشكالية الحفاظ على القدرة الشرائية في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها الجـزائر”.
ويأتي هذا بعد أن تطرق الدكتور إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد اليوم، التي اعتبرها ليست أزمة ظرفية جاءت نتيجة انخفاض سعر البترول، بل تم التنبؤ بها والتحذير منها من طرف الكثير من الخبراء داخل وخارج الوطن قبل حدوثها بعشرية كاملة، فهي إذاً نتيجة عن سياسة اقتصادية مارستها الحكومات المتعاقبة على الجزائر منذ 1980.
وقال الخبير إن “الوضع الاقتصادي والمالي المأساوي الذي نعيشه اليوم هو بسبب ممارسة لسياسة اقتصادية موروثة تعتمد على تسيير الريع البترولي لا غير”. وأوضح المتدخل أن الحكومة قامت بتمييع الكتلة النقدية المحولة من الدولارات المتحصل عليها من مبيعات البترول خلال العشرية السابقة في مخططاتها الاستهلاكية و”التنويمية” للمجتمع عوض أن توجهها إلى استثمارات حقيقية تؤسس لاقتصاد منتج، فالمناصب التي فتحت للشباب في إطار ما يسمى بعقود ما قبل التشغيل A.N.E.M والشبكة الاجتماعية والـ A.N.S.E.J واستثمارات أخرى وهمية هي أمثلة لفشل سياسة اقتصادية تركت 20000 شاب عب على الأمة.