إنَّ من فضْل الله ورحْمتِه بعباده نزولَ هذه الأمْطار المباركة؛ قال تعالى: ” وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ” ق: 9، وقال تعالى: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” فصلت: 39. ومن الأذكار التي تُقال عند نزول المطر ما رواه البخاري ومسلم في صحيحَيْهما من حديث زيد بن خالد الجهَني، قال: صلَّى لنا رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم صلاةَ الصُّبح بالحُدَيبية على إثر سماء كانتْ من اللَّيلة، فلمَّا انصرف أقْبل على النَّاس فقال: “هل تدْرون ماذا قال ربُّكم؟” قالوا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: “أصبح مِن عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأمَّا مَن قال: مُطِرْنا بفضْل الله ورحْمته، فذلك مؤمنٌ بي وكافر بالكوكَب، وأمَّا مَن قال: بنوْءِ كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي ومؤمِن بالكوْكب”. وروى البُخاريّ في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنْها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم كان إذا رأى المطَر قال: “اللَّهُمَّ صيِّبًا نافعًا”، وروى مسلمٌ في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: أصابَنا ونحن مع رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم مطرٌ، قال: فحسر رسولُ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم ثوبَه حتَّى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لِمَ صنعتَ هذا؟ قال: “لأنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه تعالى”.
وميكائيل موكَّل بنُزُول المطر؛ ففي الحديث الَّذي رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنه قال: أقبلت يهود إلى رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم فقالوا: يا أبا القاسم، إنَّا نسألك عن خمسة أشياء، فإنْ أنبأْتَنا بهنَّ عرفنا أنَّك نبيّ واتَّبعناك، وفي آخر الحديث قالوا: إنَّه ليْس من نبيّ إلاَّ له ملَك يأتيه بالخبر، فأخبرنا من صاحبك؟ قال: “جبريلُ عليه السَّلام” قالوا: جبريل! ذاك الَّذي ينزل بالحرب والقِتال والعذاب عدوُّنا، لو قلتَ: ميكائيل الَّذي ينزل بالرَّحمة والنَّبات والقطر، لكان، فأنزل الله عزَّ وجلَّ ” مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ” البقرة: 97. ويشرع للمسلم أن يُكْثِر من الدُّعاء عند نزول المطر؛ لما رواه الشَّافعي من حديث مكحول مُرْسلاً، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قال: “اطلبوا استِجابة الدُّعاء عند الْتِقاء الجيوش، وإقامة الصَّلاة، ونزول الغيْث”. ويُشرع للمسلم الذِّكْر عند سماع الرَّعْد؛ لما رواه مالكٌ في الموطأ من حديث عامر بن عبد الله بن الزبير موقوفًا عليه أنَّه كان إذا سمع الرَّعد ترك الحديث، وقال: “سبحان الَّذي يسبِّح الرَّعد بحمْده والملائِكة من خِيفتِه”، ثمَّ يقول: “إنَّ هذا لوعيدٌ لأهل الأرض شديد”.