مطرنا بفضل الله ورحمته

  مطرنا بفضل الله ورحمته

يظنُّ بعض ضعفاء العقول أننا اليوم لسنا بحاجة إلى المطر، و ينسى قوله تعالى: ” وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ” الأنبياء: 30. فلولا الله ثم الماء ما كان إنسان وما عاش حيوان وما نبت زرع أو شجر.. الماء هو غذاء الكائنات وحياتُها؛ وبفقده تذبل وتموت، ترى الأرض هامدة يابسة مغبرة منكمشة، فإذا نزل عليها الماء تحركت فيها الحياة وتلألأت بالخضرة والنضارة،…فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدير. والماء شـريان نابض في قلب الأرض، إذا تعـطل: ماتت المعمـورة، وفسـدت الحياة، وانطمـس الوجـود. قال تعالى ” أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ” الواقعة: 68 – 70.

ولأهمية الماء قدر الله تعالى له نظاماً وسنناً في الحياة؛ فقدر له جل وعلا سنناً تجعله سحباً طائرة، وسنناً تجعله قطراتِ مطرٍ متساقطة، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ. فإذا نزل المطر جعل الله له سنناً تحفظه في مستودعات في جوف الأرض ” وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ” المؤمنون: 18، ثم جعل له سنناً تدفعه في سيقان الشجر وأغصانها، وسنناً أخرى تجعل من الماء أنهاراً جارية، وعيوناً متفجرةً، وبحاراً تغمر الآفاق وتمتلئ بالأسماك والكائنات مما لا يعلمه إلا الله الذي يعلم ما في البر والبحر .

إن هذا الغيث الذي أنزله الله علينا لمن فضل الله ورحمته، فعلينا أن نقوم بشكره سبحانه على نعمته، وأن نستعين بها على طاعته، فإن من قام بشكر الله زاده الله، ومن كفر بنعمة الله حرمه ” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ “. فقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر قال “اللهم صيبًا نافعًا” رواه البخاري، وفي رواية: “صيبا نافعا” وفي رواية لأبي داود “اللهم صيبًا هنيئًا” صححه الألباني. وثبت عنه أيضًا أنه قال: “مطرنا بفضل الله ورحمته” رواه البخاري. كما أنه كشف عليه الصلاة والسلام عن بعض بدنه ليصيبه المطر، كما في صحيح مسلم وقال: “إنه حديث عهد بربه” ومما ورد الدعاء وقت نزول المطر لحديث “ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، و تحت المطر” أخرجه أبو داود وحسنه الألباني.