عندما تأتي إلى بيت سيدة فلسطينية، قوات مدججة وناقلات جنود مدرعة ومصفحات ويحلق الطيران المروحي والحربي في السماء لاعتقالها، فهذا يعني ضعف الاحتلال الصهيوني والقدر العظيم لتلك السيدة المرابطة العزلاء إلا من إيمانها بالله المنتقم ثم إخلاصها لقضية فلسطين التاريخية العقائدية.. وهذا الاخلاص للوطن والانتماء للشعب هو ما يشغل بال المحتل الصهيوني ويقهر مخابراته وكل وسائل إرهابه التي فشلت في أن تجعلنا ننسى قضيتنا رغم مرور 70 عاما على احتلال أرضنا ومقدساتنا، وهذا الأمر الذي يقف أمامه المحتل عاجزا ويدرك تماما حجم خطورة الشعب الفلسطيني على المشروع الصهيوني الإمبريالي التوسعي في الشرق الأوسط كله وليس في فلسطين فقط، فالشعب الفلسطيني هو رأس الحربة للأمة العربية كلها، وهو السد الذي يقف بقوة وكبرياء أمام الأطماع الغربية في الوطن العربي رغم كل ما نتعرض له من ضغوط وتهجير وبتر أطراف، ولقد ضرب المعاقون مثلا في التحدي عندما هاجموا السياج الفاصل بعرباتهم واغتالهم جنود الاحتلال بدون أي وازع أخلاقي.
عندما تقف مرابطة مقدسية أمام ضابط أمني كبير يقدم نفسه أنه رئيس أركان ومدير تحقيق وخبير أمني وتجلس أمامه المرابطة الفلسطينية بكل كبرياء وتضع رجلها على الرجل الأخرى وتقول له طززززز فيك وشو يعني أنت؟؟ بتظن أنك مخوفني؟ أنا فقط بخاف من الله… هنا ينصعق ذلك المحقق ويقول لها بصوت منخفض أنا أترجاكي احترميني وتعاملي معي وأنتي معترفة بكل مناصبي، أرجوكي بادليني الحديث السؤال بجواب فقط.
فتتكئ على راحة يدها وتقول أنت سمعت بقصة الأسد الذي رفض يتصارع مع خنزير فيقول ببلاهة.. لا
فتقول له ابحث عنها في الأنترنت.. يسكت المحقق منصدما ويحاول أن يغير الموضوع من مدخل آخر فيقول لها بصوت قوي: سمعت أن القرآن يقول لكم دينكم ولي ديني يعني الإسلام يأمرك أن تحترمي ديانتي مثلما تحترمي المسيحيات صاحباتك.. فتنظر إليه وترد مين حكالك؟
-أنت ليس من حقك أن تتكلم عن القرآن ثم أنت صهيوني ماسوني وليس يهودي صاحب دين ورسالة، أنت اعتقلتني بالقوة من بيتي الفجر وأزعجت كل الحارة، أنت عدو تحتل أرضي وتمنع الناس أن يروحوا عالاقصى وقبة الصخرة وكنائس القدس وشوارع القدس مليئة بجيشك الجبان وتريد مني احترمك ونتبادل الكلام؟ أنت أصلا لا تستحق الاحترام.
استشاط غضبا وأمسكها من رقبتها بعنف وقال لها صارخا داخل أذنها بأعلى صوته انتي شو اسمك؟
-اسمي قدامك بالملف والا معتقلني بكل هالقوات ومو عارف اسمي؟؟
صرخ في الأذن الأخرى وين ساكنة؟؟
– من مكان ما اعتقلتني وانت تعرف عنواني ومكتوب بالملف
رجع خلف المكتب وسألها صارخا شو اسماء اولادك
-قالت بهدوء موجود اسماؤهم بالهوية
صرخ كالمجنون طيب شو لقبك ام ايش بيحكولك؟
-لقبي لا يهم واذا بتفهم بتقدر تعرف من الهوية مين اكبر ولد
جلس وقال لها بترجاكي جاوبيني اسمعي .. القرآن يقول قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس عارفة شو يعني وسواس خناس يعني شيطان يجعلك تكرهي اصحاب الديانات الأخرى وتشتغلي ضدهم ومشان هيك لازم تحترميني والا بتكوني كافرة
-وهنا ضحكت السيدة ضحكة هستيرية وقالت له عنجد بتحكي؟؟
قفز من خلف المكتب وصفعها على وجهها بقوة ووقعت من الكرسي إلى الأرض وركلها بقدميه ركلات متلاحقة وهو يصرخ كلاما عبريا غير مفهوم، وعاد ليجلس خلف مكتبه ويشعل سيجارة قائلا قومي يا إرهابية.
-فنهضت بهدوء والدم ملا انفها ووجهها وقالت له انت خنزير والكلب اطهر منك هذا هو الاحترام الذي تقصده؟ لو انت محترم ما كنت هاجمتني وانا سيدة لكن أنت لست رجلا وانت عار على الرجولة، أنت محتل جبان لا يمكن أن نتحاور ولا يجوز أن أتحاور مع من يمنعني من الصلاة في المسجد الأقصى وقبة الصخرة، لن أحترمك ولن أخاف منك ولن ترهبني ركلاتك وسأخرج من هنا لأتوضأ في الأقصى وأصلي غصبا عنك وعن جيشك الهامل،
قال لها لن تخرجي انتي متهمة بتحريض الناس على الصلاة في المسجد ومقاومة الشرطة واثارة الشغب من خلال وجودك اليومي في القدس ولازم تكتبي تعهد ألا تصلي مرة ثانية ولا تروحي عالمسجد.
-ضحكت رغم ألمها حتى تغيظه وتجعله يشعر أنه لم يهزمها من داخلها وقالت له عرفت مين فينا الكافر؟
قال لها اخرسي وشتم الذات الإلهية بالعربية ليستفزها ونادى على الحراس ضعوها في زنزانة لا أكل ولا شراب ولا ماء خليها تتعلم الأدب.
– قالت له ربنا ينتقم منك وربنا يقول في القرآن الكريم (ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح) سكت الضابط المحقق وكأن الآية أوجعته وسادت دقائق صمت.. لكنه عاد وبحقارة وكأنما شجعه الشيطان ليصرخ ويقول لهم اسحبوها وارموها بالزنزانة حتى تتعلم الأدب .. لم ينته المشهد ولن ينتهي طالما الأرض الفلسطينية محتلة وطالما القدس تتعرض للتهويد المنظم وخطر الهدم.
كان ما سبق مشهد من مشاهد التحقيق والاستجواب والاهانة والتعذيب التي يتعرض لها نساء القدس، وهو جزء من مشاهد يومية أعظم وأفظع وأقسى مما تتصوروا، ولكنه صراع عقائدي ازلي يقوده أبطال الأرض الفلسطينية المحتلة وماجدات الأرض الفلسطينية المحتلة خصوصا مرابطات القدس اللاتي يجب علينا أن ننحني أمام عظمة صمودهن وأن نجعلهن قدوات لكل نساء الأرض وإذا كان نساء فلسطين كذلك، فما بالكم برجالها؟؟
د.أحمد لطفي شاهين