مشروع إنسان

   مشروع إنسان

تفكروا وأنتم تدخلون بيوتكم فيستقبلكم أولادكم بالبشر والسرور، ويلقون أنفسهم في أحضانهم، فيحاطون بالأيدي، ويضمون إلى الصدور، ويقبلون على الجباه والرؤوس، فكم من طفل يتيم حرم من أمه وأبيه، يقف لسانه عاجزاً عن قولها لحرمانه من أحدهما، لم يسمع هذا الطفل يوماً كلمة “يا ولدي”، ولم يستشعر في يوم من الأيام معاني العطف والرعاية والرحمة والحنان، تذكروا ذلك اليتيم الذي لم يجد طعاماً وشراباً يتلذذ به كما يتلذذ أولادنا، انظروا لذلك اليتيم وقد حرم أعظم حنان وأجل حب، حرم ممن يدخل عليه السعادة والسرور.

فكم من يتيم ينشد من يقوم برعايته، ويسعى في مصلحته، ويمسح على وجهه ورأسه، ويخفف عنه يؤسه وحزنه، يتطلع إلى من يرعى شؤونه وحاجاته، لذلك جاء الإسلام العظيم ليمسح عن هذا اليتيم دمعة عينه، وأسى قلبه، فجاءت النصوص الشرعية تحث المسلمين على كفالتهم، والحرص على رعايتهم والإنفاق عليهم، قال تعالى في كتابه أمراً بالإحسان إليهم وإصلاح شؤونهم وأحوالهم: ” وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى ” النساء: 36، وقال تعالى: ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ” البقرة: 220، وأمر أيضاً بالإقساط إليهم وعدم ظلمهم: ” وَآَتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ” النساء: 2.

ولقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بكفالة اليتيم ووجه إلى الحرص عليها، وأشار إلى أنها من أفضل الأعمال التي تكون سبباً في مرافقته في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم ” أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ” رواه البخاري ومسلم. وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم ” من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين” وفرق بين أصبعيه السبابة والوسطى. رواه أحمد. ومن صور كفالة اليتيم ما يلي:

– رعايته بالولاية عليه وعلى أمواله إن كان له مال.

– رعايته بالإنفاق عليه وإطعامه وكسوته، وتوفير السكن والمأوى له.

– رعايته حال المناسبات، كرمضان، والأعياد، والإجازات، ونحو ذلك.

– القيام على رعايته وتربيته، وتقويم سلوكه، والعناية بتعليمه وتقويم أخلاقه.

فاحرصوا على كفالة الأيتام، واعلموا أن كل دينار ينفق عليهم يعود أولاً عليكم بالخير والنماء والمزيد، ويعود عليهم بالسعادة والفرح والسرور ويخرجون بإذن الله تعالى نبتة صالحة طيبة ينتفع بها المجتمع كله بإذن الله تعالى.