الجزائر- تواصل الحراك الشعبي، في جمعته التاسعة، وخرج آلاف الجزائريين، في مسيرات حاشدة عبر مختلف الولايات ورفعوا مطالب رحيل رموز النظام وعلى رأسهم رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، والوزير الأول، نور الدين بدوي.
وسجل الجزائريون، حضورا قويا، في مسيرات الـ19 أفريل، بمشاركة قياسية في مختلف ربوع الوطن، وكالعادة عرفت العاصمة أكبر نسبة مشاركة، بمسيرة شعبية حاشدة، تمركزت في مختلف الشوارع الرئيسية على غرار ساحة البريد المركزي، شارع ديدوش مراد، شارع محمد الخامس، ساحة موريس أودان، ساحة أول ماي وشارع حسيبة بن بوعلي وغيرها، لمواصلة الضغط على السلطة ورموز الفساد، والدفع إلى استقالة الرئيس المؤقت، واستقالة الحكومة، ورفض ندوة المشاورات السياسية المقررة الإثنين المقبل.

وانهمرت سيول بشرية منذ الصباح، على وسط العاصمة، حيث توافد المحتجون بأعداد هائلة من مختلف المناطق، ورفعوا شعارات مناوئة للعديد من السياسيين ورموز النظام الذين طالبوهم بالرحيل، ولم يسلم الرئيس الجديد للمجلس الدستوري من شعارات تطالب برحيله هو كذلك.
وأظهر الجزائريون إصرارهم على رحيل جميع رموز نظام الرئيس المستقيل، عبد العزيز بوتفليقة، معبرين عن رفضهم لتنصيب، عبد القادر بن صالح، رئيسا للدولة، ولحكومة تصريف الأعمال الجديدة التي قام بتشكليها الوزير الأول، نور الدين بدوي، مع دعوتهم لتطبيق المادتين 7 و 8 اللتي تعطيان للشعب الخيار في اختيار قادة البلد، وطغى شعار “يتنحاو ڤاع” على كافة الشعارات التي رفعها المتظاهرون.
سلمية من الشعب واحترافية من قوات الأمن

بخلاف أيام الجمعة السابقة، لم يتم نشر أي قوات لمكافحة الشغب على مستوى شارع محمد الخامس، ففي الجمعة الماضية كان أعوان الشرطة الذين تم نشرهم عند مدخل هذا الشارع على التماس مع ساحة أودان، ورغم التواجد الأمني المكثف لكن لم يتم منع المتظاهرين من احتلال السلالم الشهيرة للبريد المركزي، بل تعاملت قوات الأمن بليونة واحترافية مع المتظاهرين.
ورغم العدد الهائل من المتظاهرين، فإن أعوان الأمن، لم تربكهم الحشود الكبيرة أو زيادة متاعبهم، بالنظر إلى التفاهم والتكامل الكبير بين الطرفين، حيث أظهر المتظاهرون حسا مدنيا راقيا في التعامل وحسن التصرف، واختفت المظاهر المسيئة، التي طالما صاحبت مثل هذه المسيرات والاعتصامات، بتسلل بعض “الخلاّطين” الذين عملوا على نشر الفتنة وتعفين الأجواء، وقد لمس المواطنون التنظيم المحكم، والمرونة الكبيرة بين المواطنين وكذا بينهم وبين أعوان الأمن، فلم تجد قوات الشرطة صعوبة في عملها، ولم تسجل أي مشادات تذكر.
وربط متابعون الأمر بكلمة الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، في آخر زيارة له إلى الناحية العسكرية الرابعة، بخصوص إصرار الجيش على أن قرار حماية المتظاهرين لا رجعة فيه، وأنه أسدى تعليمات لحماية المسيرات الشعبية، موجها تحذيرا شديد اللهجة إلى “العصابة” التي واصلت عقد اجتماعات مشبوهة للالتفاف على مطالب الشعب.
برج بوعريريج “تسونامي” فخامة الشعب

وفي برج بوعريريج تدفقت، مباشرة بعد صلاة الجمعة، مئات الآلاف من النساء والرجال، من كل الشرائح، حاملين شعارات مطالبة برحيل كل رموز النظام، في ظاهرة أصبحت تثير اهتمام الرأي العام وتصنع لوحات فنية تناقلتها معظم وسائل الإعلام.
ولم يبخل البرايجية على وطنهم، ككل مرة، بتخصيص يوم الجمعة للمسير من أجل تحقيق المطالب الديمقراطية التي ينادون بها منذ 6 أسابيع، حيث جددوا شعاراتهم الداعية لرحيل كل رموز النظام الحالية، رافضين لأنصاف الحلول والعمل على تجديد النظام لنفسه عبر تعيين وجوه قديمة في مناصب مسؤولية.
وهتف مئات آلاف المتظاهرين، رافعين شعارات مناوئة لمبادرات بن صالح ومشاوراته الأخيرة مطالبين إياه بالمغادرة، وفسح المجال للوجوه الجديدة، كما أكدوا أنهم سيواصلون الاحتجاج والمسيرات حتى تسقط رؤوس الفساد ويتم تطبيق القانون ومحاسبة ما يسمى برجال الأعمال الفاسدين والوزراء، وعبروا عن رفضهم لأي زيارة لوزير غير شرعي لا يعترف به الشعب.
المتظاهرون انطلقوا من دار الثقافة محمد بوضياف، وصولا إلى محور الدوران بالقرب من الأمن الولائي، ومروا بكل من نهج هواري بومدين، محور الدوران الوئام، نهج الأمير عبد القادر، نهج الجمهورية ووصولا إلى محور الدوران بالقرب من الأمن الولائي والعودة إلى مفترق الطرق والتجمع هناك، وبعد التجمهر لفترة مطولة شرعت الجموع في السير والهتاف برحيل كافة الوجوه القديمة، وسط زخم من الأعلام واللافتات المعبرة عن الإصرار على تغيير النظام واستمرارية الحراك.
شعارات تدعو إلى تعزيز الوحدة الوطنية


ولم تخل الهتافات واللافتات التي رفعها المتظاهرون من عبارات الوحدة الوطنية، ونبذ الجهوية والعرقية، حيث رفع بعض الشبان لافتة ضخمة بها عبارة “أمازيغي، شلحي، عربي، شاوي، تارڤي… كلنا إخوة”، وهي الشعارات التي تطفئ نار الفتنة وتؤسس لحس وطني وحدوي، تذوب فيه كل الحزازات، التي ما فتئت بعض الأطراف المعادية للجزائر والجزائريين تضخمها.
حضور لافت لأصحاب السترات البرتقالية

أثار نشاط أصحاب السترات البرتقالية، الكثير من التساؤلات في مواقع التواصل الإجتماعي، حول هويتهم وطبيعة نشاطهم، حيث حذّر البعض من نشاط مشبوه لهؤلاء المتطوعين الشباب أو لهم علاقة بأصحاب السترات الصفراء في فرنسا.
ولم يقتصر التظاهر على الجزائر العاصمة، إذ شهدت الساحات في كبرى المدن والولايات كوهران وسيدي بلعباس، وباتنة وعنابة وقسنطينة وسطيف وتمنراست وأدرار، تجمعات مبكرة للناشطين والمتظاهرين للمطالبة بتنحي بن صالح وبدوي، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، معاذ بوشارب، الموالين كلهم للرئيس المستقيل بوتفليقة، وهم أبرز الوجوه التي تمثل نظامه السياسي، بعد استقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، وكذا محاسبة رموز الفساد.
أمين.ب