تحيي، الجزائر، اليوم 16 أفريل، يوم العلم، وتأتي المناسبة تخليدا لذكرى وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس، أحد أعلام التنوير في الجزائر، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي أفنى حياته في نشر
العلم والتنوير بين أبناء الوطن الواحد، خاصة في تلك الحقبة الصعبة من الاستعمار، التي كانت أكثر تتطلب معرفة ووعيا كبيرين من الشعب الجزائري، حتى يتمكن من مجابهة الأوضاع، وإدراك حقوقه في نيل الحرية، وواجبه نحو هذا الوطن.
تلاميذ الجزائر في الموعد
وللغوص أكثر في حيثيات المناسبة، نزلت “الموعد اليومي” إلى بعض من مدارس العاصمة، والتقت بتلاميذ من مختلف الأطوار، وكان لهم معنا هذه الآراء حول يوم العلم.
سارة 17 سنة، تلميذة بالثانوية، عن يوم العلم قالت بأنها مناسبة لا يفوتها الأساتذة، حيث يقومون بتكليف التلاميذ بإنجاز بحوث حول شخصية عبد الحميد بن باديس، بهدف التعرف عليها عن كثب وحفظها في عقول التلاميذ.
مريم، 9 سنوات، بدت السعادة واضحة على محياها، وهي تحدثنا عن النشاط الذي سطر من قبل إدارة مدرستها، من أجل إحياء حفل إنشادي في مدرسة أخرى، وعندما سألناها، ماذا تعرف عن هذا اليوم، أجابت بعفوية وبراءة كاملة قائلة: “هو تاريخ وفاة العلامة الكبير عبد الحميد بن باديس، وتحتفل الجزائر به، لترسيخ ذاكرته وأعماله في عقولنا نحن الصغار”.
محمد، 7 سنوات، التقيناه، بإحدى مقاهي الأنترنيت، وهو يحمل مطوية أسئلة، يدور محتواها، حول شخصية الشيخ العلامة ابن باديس، عندما سألناه ماذا يفعل بها في المقهى، أجاب بعفوية البراءة:” أبحث عن أجوبة للأسئلة، بالاستعانة بصاحب المقهى، لأن مدرستنا قامت بتنظيم مسابقة بمناسبة يوم العلم، وستكرم الفائزين”. وعما إذا سيغتنم فرصة الاستفادة من المطوية قال:”نعم، لأن المناسبة لا تتاح لنا كل يوم، فهذه السنة اتكلت على صاحب المقهى، وفي العام المقبل سأعتمد على نفسي في الإجابة”.
المجتمع المدني يحيي المناسبة
ولإحياء المناسبة، في عقول وقلوب الجيل الجديد، تقوم مختلف الجمعيات والمدارس عبر أنحاء الوطن، بتخليد الذكرى، عن طريق إحياء مختلف الأنشطة والمسابقات الفكرية والعلمية، والحفلات الإنشادية التي تمجد الذكرى، سعيا من المنظمين، إلى ترسيخ ونشر رسالة العلم والتنوير في وسط الأجيال، خاصة الصاعدة منها لتحفظ الأمانة وتواصل درب مسيرته العلمية و الأخلاقية على نهج السلف الصالح.
برنامج ثقافي بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بخنشلة
إحياءً ليوم العلم المصادف ليوم 16 أفريل من كل سنة وتحت شعار “بالعلم شعوبنا ترقى”، سطرت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية خنشلة برنامجا ثقافيا متنوعا يمتد لـ 07 أيام من 10 إلى 16 من الشهر الجاري.
ويتضمن البرنامج إقامة عدة معارض كمعرض للكتب المقتناة والمطبوعة في إطار التظاهرة الثقافية لوزارة الثقافة إصدارات جمعية العلماء المسلمين ومعرض للصور التشكيلية، بالإضافة لمعرض للكتاب من خلال المكتبة المتنقلة بالمدرسة الإبتدائية التربية والتعليم وساحة أول نوفمبر ببلدية قايس ومسابقة لأحسن بحث حول أعلام المنطقة على غرار عمار طالبي، زوليخة السعودي، مهماه بوزيان… لفائدة منخرطي المكتبة.
كما يتضمن البرنامج ندوة ثقافية تحت عنوان: “فضل العلم والتعلم” ينشطها كل من الدكتور رشيد بلعبفة بمداخلة تحت عنوان “يوم العلم ذكرى وعبرة” والكاتب محمد الفاتح حرامي بمداخلة بعنوان “هل يكفي يوم العلم”، ويتخلّل الحفل أيضا قراءات شعرية من تقديم شعراء محليين، كما من المنتظر أن يشارك نجباء متوسطة عايب الدراجي الفائزين مؤخرا بالمركز الأول في نهائي المنافسة الفكرية ما بين المتوسطات بمسرحيات وأغاني تكريما للعلامة العظيم عبد الحميد بن باديس.
برنامج فكري ثري للخروج من الشكليات بمناسبة يوم العلم
سطّرت عمادة جامعة معسكر برنامجا فكريا ثريا بمناسبة يوم العلم الذي يحتفل به سنويا في ذكرى وفاة العلامة عبد الحميد ابن باديس، تحت شعار “أسبوع العلم” تكون الوصلات الموسيقية والفولكلورية آخر شيء تختتم به التظاهرة.
إن الجرعات الزائدة من الاحتفالات الصاخبة بيوم العلم تفقده دلالته ورمزيته التاريخية، ويتميز برنامج “الأسبوع العلمي لجامعة معسكر ” عن غيره من البرامج الاحتفالية السابقة بذكرى يوم العلم وحتى عيد الطالب، كونه برنامجا فكريا، علميا، ثقافيا بامتياز، يستمر لفترة أسبوع بداية من اليوم، حيث أراد الطلبة الشباب المنضوون تحت لواء النادي العلمي بإشراف من الوصاية أن يخرج الاحتفال بيوم العلم من الزاوية المغلقة التي أوقعت بالاحتفال الرمزي والمناسبة التاريخية في فخّ الاحتفال الصاخب دون مراعاة لرمزيته الوطنية مادام ينسب تاريخ يوم العلم لأبرز علماء الجزائر وأعمدتها المؤسسة للنهضة الفكرية الجزائرية، حيث يقول في ذلك أحد مؤسسي النادي العلمي الثقافي لجامعة معسكر الطالب حمياني طه عبد النور أنه من واجبنا في هذه المناسبة أن نسير على خطى أحد رجال الإصلاح وعظماء الجزائر ورائد النهضة الجزائرية العلامة عبد الحميد بن باديس، وتخصيص أسبوع علمي بحت للمناسبة من أجل الخروج من الجمود الفكري والثقافي والعادات السلبية التي تخرج يوم العلم من قالبه ورمزيته، من خلال تنظيم ملتقيات ومحاضرات فكرية وعلمية وورشات تطبيقية في مختلف المواضيع العلمية والاقتصادية محل حديث الساعة وذات الاهتمام المشترك بين الطالب ومحيطه الجامعي والاجتماعي، وأضاف الطالب عبد النور أنه لا بد من المشاركة في تعزيز رسالة الجامعة الجزائرية والرقي بها حتى لا يبقى الهدف من طلب العلم والشقاء في سبيله مجرد أحلام نموذجية، موضحا على سيبل الوصف أن النجاح ليس وجبة طعام سريعة التحضير. ومن أجل تحقيق نجاح متكامل لا بد من ترتيب التفاصيل والأولويات، أين يكون الإبداع العلمي والفكري على رأس هذه الأولويات، وعن هذا الموضوع، قال المسؤول إن البرنامج المسطر للاحتفال بيوم العلم سيكون مزيجا بين محاضرات فكرية وأخرى اقتصادية ومسابقات بين الطلبة من حاملي الأفكار لمشاريع اقتصادية تتبناها دار المقاولاتية بالمتابعة والتنفيذ على أرض الواقع.
ق.م