مسجد علي بتشين في الجزائر العاصمة.. قصة أميرال إيطالي قدم مسجدا مهرا لزوجته الأميرة

مسجد علي بتشين في الجزائر العاصمة.. قصة أميرال إيطالي قدم مسجدا مهرا لزوجته الأميرة

ربطت أطراف عدة تسليم إيطاليا تمثال البحار “علي بتشين” إلى الجزائر، بالعلاقات القوية التي تجمع البلدين في الفترة الأخيرة، وهي كعربون احترام وتقدير، لا سيما أن الخطوة تزامنت واحتفال الجزائر بالذكرى الـ60 لاستقلالها، كما أن هذا الاحتفاء من قبل روما يأتي بمناسبة مرور الذكرى الـ400 على تشييد جامع “علي بتشين” أحد أقدم مساجد البلد، لكن بالعودة إلى مسيرة البحّار الإيطالي يزول الاستغراب.

ويرتبط جامع “علي بتشين” الذي يعود تشييده إلى 400 سنة، بالأميرال الإيطالي بكانينو بتشين، إذ تروي كتب التاريخ أنه عشق فتاة جزائرية وهي ابنة سلطان “جبل كوكو” بالعاصمة الجزائرية حد الجنون، وقد تزوجها وأهداها مسجداً بعد إسلامه.

بيتشن تم أسره ومجموعة من البحارة عام 1578، وعمره 10 سنوات، على يد ملك الجزائر حسن فينيزيانو، الأمر الذي دفعه إلى “سوق العبيد”، حيث اشتراه القائد الجزائري فتح الله بن خوجة بن بيري مقابل 60 ديناراً ذهبياً، واتخذه ابناً له يعلمه فنون القتال والقيادة، لتبدأ رحلته في الجزائر مع القرصنة والحروب البحرية. وارتقى مع مرور الوقت إلى مصاف البحارة الكبار، حتى أصبح قائداً عاماً بعدما حصل على لقب “رايس” الذي يعادل اليوم الأميرال، وأسس أسطولاً من السفن المصادرة في البحر المتوسط، وتوسعت معه الثروات التي تمت مصادرتها وتضخمت، ليصبح أحد أثرياء المدينة.

ومن دون سابق إنذار، وقع البحار الإيطالي “الأسير”، بحب ابنة سلطان “مملكة كوكو” الأميرة “لالاهم بلقاضي”، فقرر في سنة 1621 أن يتقدم لخطبتها مرفقاً بزوجة سيده “لالة نفيسة”، حاملاً معه مهراً ملكياً “لم يسبق أن رأته عين ولا سمعت به أذن”، حتى قيل “هل جاء ليخطب أميرة أم ليقتني مملكة؟”. لكن الأميرة “لالاهم بلقاضي” فاجأت الأميرال ووالدها، بقولها: “لست بحاجة لطعم القوارض، شرطي الوحيد لقبول الزواج منك أن تبني لي مسجداً كي يصح إيمانك”، وهو ما لم يتأخر في تنفيذه “علي بتشين”، وانطلق في تشييد مسجد لا يزال شامخاً على مساحة 500 متر مربع، بـ “القصبة” السفلى أو مدينة “المحروسة”، وكان ذلك عام 1622.

وعلى الرغم من السنوات الجميلة التي قضاها الأميرال الإيطالي بكانينو بتشين في الجزائر مع البحار والحب، إلا أن نهايته كانت مأساوية على يد العثمانيين الذين اتهموه بالخيانة العظمى بعد رفضه المتكرر المشاركة في غزوة مالطا، إذ تذكر الروايات وكتب التاريخ أن “الباب العالي” أوفد فرقة انكشارية لاغتياله، لكنه نجا من الفخ وفرّ للاحتماء بضريح أحد الأولياء الصالحين الذين تشتهر بهم الجزائر، ما اضطر السلطان إبراهيم إلى مهادنته خوفاً من ثورة الشعب على القصر، ليعود إلى قصره ويمارس مهامه ويعيش حياته بشكل عادي لغاية يوم من عام 1645، حين استيقظ سكان مدينة الجزائر “القصبة” على وقع خبر وفاته. ووفق ما تتداوله الروايات، فإن وفاته لم تكن طبيعية وإنما تعرض للتسمم من قبل خادمة.

ب/ص