تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي محاولاتها لمنع إقرار قرار جديد في منظمة التربية والثقافة العالمية “اليونيسكو”، يُطرح للتصويت الأربعاء، في مقر المنظمة في باريس، بناءً على اقتراح قدمته الكويت ولبنان وتونس للجنة التراث العالمي التابعة لـ”اليونيسكو”.
وذكرت مصادر أنّ “الجلسة التي تعقد اليوم كان مقررا أنّ تعقد قبل أكثر من شهر في إسطنبول، وتم إلغاؤها بفعل محاولة الانقلاب في تركيا “، لافتةً إلى أنّ “التأجيل جاء إلى موعده ، بعد الأعياد اليهودية بناءً على طلب من إسرائيل”.وأوضحت الصحيفة أنّ مندوب إسرائيل في “يونيسكو”، والطاقم المرافق له بذل في الآونة الأخيرة جهوداً في محاولة لتخفيف لهجة مشروع القرار، وأجرى اتصالات أولية مع مندوبي الدول المختلفة، على غرار ما فعل بعد القرار الأخير بشأن عدم وجود رابطة بين اليهود وبين المسجد الأقصى وحائط البراق، وتجلى ذلك في تراجع مديرة الوكالة الدولية، إيرنا بكوفا عن تأييد القرار وتعهدها، في رسالة لوزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينت، “بالسعي لمعارضة كل قرار مناهض للسامية ومعاد لإسرائيل”.ويحمل اقتراح القرار الجديد، لهجة مخففة بدرجة كبيرة مقارنة بالقرار السابق الذي أقرته “يونيسكو” قبل أكثر من أسبوعين، وهو لا يشير إلى علاقة اليهود بالحرم القدسي الشريف، ولا ترد فيه التسمية الإسرائيلية للحرم القدس أي “جبل الهيكل” المزعومة، وتحاول حكومة الاحتلال تعديل نص القرار المقترح والإصرار على كل “نقطة وفاصلة”. وفي هذا السياق، تمكّن الاحتلال من حذف الهلالين اللذين ظهرا في مسودة اقتراح القرار على كلمة “الحائط الغربي”، والسعي لمحو اعتبارها قوة احتلال، وهو التعبير الذي تكرر 17 مرة في القرار السابق بشأن القدس والأقصى.وتراهن إسرائيل على مواقف دول أوروبية عدّة لها مندوبون في لجنة التراث العالمية، وهي فنلندا وبولندا وكرواتيا والبرتغال، خاصةً بعد حذف فقرة من مسودة اقتراح القرار تتحدث عن كون القدس مقدسة عند الديانات الثلاث، آملةً أنّ تمتنع هذه الدول عن تأييد مشروع القرار، وتحاول ضمان معارضة دولة واحدة منها على الأقل، معوّلةً على اعتماد التصويت السري بما يسهل عليها مهمة تجنيد أصوات معارضة للقرار الجديد.ويسعى الجهد الصهيوني الحالي لتحقيق أحد ثلاثة أهداف على الأقل، وهي منع طرح مشروع القرار للتصويت، محاولة فتح نص اقتراح القرار سعيا لتغييره، أو في حال فشلت في ذلك، ضمان نتائج تصويت “مشرفة” حتى لو تمخض التصويت عن إنجاز إضافي للفلسطينيين.ونقلت مصادر اعلامية عن السفير الفلسطيني لدى “يونيسكو”، إلياس صنبر قوله، إنّ “الفلسطينيين كانوا على استعداد لتغيير نص مشروع القرار المقترح”، وإنّ “بابه كان مفتوحاً أمام المفاوضات لكن أحدا من الإسرائيليين أو الأوروبيين لم يقترح أي مفاوضات بهذا الخصوص”.يذكر انه بعد صدور قرار “يونيسكو”، والذي يشير إلى إسلامية المسجد الأقصى قبل اسبوعين ، انفجر الاحتلال الإسرائيلي ليهدّد بوقف التعاون مع المنظّمة، وتناغمت مع الموقف الإسرائيلي مواقف بعض المسؤولين فيها، إن عبْر تصريح المديرة العامة للمنظمة، إيرينا بوكوفا، أو رئيس المجلس التنفيذي، سفير دولة ألمانيا، ستيفان كرافيليكي.كما اكد السفير الفلسطيني لدى “يونيسكو ان القرار لم يتأخر، وجاء في وقته المناسب، في ظل هذه الحملة الصهيونية الشرسة لتهويد مدينة القدس، وتغيير معالمها التاريخية الإسلامية والمسيحية لحساب روايات غير صحيحة، وغير مثبتة تاريخياً، ولا توثيقيّاً، وهي روايات إسرائيلية مزيفة. موضحا ان هذا الكلام ليس طرح الجانب الفلسطيني فحسب، وإنما هو رأي الكثير من علماء العالم، بمن فيهم بعض علماء إسرائيل نفسها، والذين دحضوا الرواية الإسرائيلية التوراتية، والتي تدّعي أن هنالك حقاً لإسرائيل في المسجد الأقصى ومحيطه.مضيف ان قرارات “اليونيسكو” والأمم المتحدة، كلّها، تعتبر الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، أراضي محتلة، وليست أراضي متنازعاً عليها، كما تدّعي إسرائيل، ولا أراضي إسرائيلية. وعليه، فقد جاء هذا القرار منسجماً مع الشرعية الدولية، ومع الحقائق التاريخية، ومع أصحاب الحق والعدل، أي الشعب الفلسطيني.