مخ العبادة

مخ العبادة

كلنا فقراء إلى الله محتاجون إليه، ولا غنى لنا طرفةَ عينٍ عن عطائه ورحمته ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ” فاطر: 15. ومن عَظيمِ فضلِ الله تعالى على عبادِه ورحمته بهم، أن جعل دعاءَه وسؤاله عبادةً من أفضلِ العبادات وقربةً من أجلِّ القرباتِ، فأمرهم بدعائه وحده لا شريك له، ونهى عن دعاء من دونه، وجعل صرف الدعاء لغيره شركًا وظلمًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الدعاء هو العبادة ” رواه الترمذي. وقال سبحانه ” فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ” غافر: 14، وقال جل وعلا: ” وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ” يونس: 106. لقد أمرنا الله تعالى بدعائه ووعدنا بالإجابة ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ” غافر: 60، بل إن من تمامِ جودِهِ وكرَمِه، وكمالِ غناه وقيُّوميَّتِه، أنه تعالى يعرِضُ على عبادِه مسألتَه وطلبَه، ففي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “ينزلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا حينَ يبقى ثلُثُ الليلِ الآخرُ، فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرُني فأغفرَ له؟ “. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم: ” إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا” رواه ابن ماجه والترمذي. كما أن لإجابة الدعاء وقبوله أسبابًا، ذكر بعضـًا منها الإمام ابن القيم رحمه الله فقال: وإذا جُمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب؛ وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة وهو: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تٌقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر؛ وصادف خشوعًا في القلب وانكسارًا بين يدي الرب وذلًا له وتضرعًا ورقة؛ واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، وألحَّ في المسألة وتوسلَ إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدمَ بين يدي دعائه صدقةً، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدًا.

من موقع وزارة الشؤون الدينية