عُرفت ظاهرة الكتابات والرسومات الحائطية التي تحمل شعارات متعددة وإجابات لرسائل مشفرة منذ فترة ليست بالقريبة، غير أن هذه الكتابات والرسومات الحائطية باتت تخدش الحياء وتجاوزت الحدود الأخلاقية والاجتماعية والدينية، فلم تسلم جدران مختلف المؤسسات واللوحات الإشهارية من هذا السلوك الطائش الذي يمارسه عدد من الشباب المراهقين الذين وجدوا في الأسوار وسيلة للتعبير عن مكنوناتهم من دون ردع أو رقابة.
عبارات دنيئة وكلام فاحش
فيما يبدع العديد من الشباب في الرسم على الأسوار، يفضل آخرون إيصال رسائل مشفرة والتعليق على الأحداث بطريقة خاطئة وسلبية عن طريق الكتابة على الجدران بلغة الشارع وبكلام يحمل العديد من العبارات الدنيئة والمتجاوزة للآداب والأخلاق على غرار كلمات العشق التي تخدش الحياء والسب والشتم ضد أشخاص معروفين وآخرين غير معروفين، إضافة إلى وصف جسم المرأة وحتى الرسومات التي تحمل من العار ما يخجل كل من يمر أمام تلك الأسوار.
أسوار المؤسسات التربوية الأكثر استهدافا
لعل أكثر الأسوار التي تنتشر فيها هذه الظاهرة السلبية والدخيلة على المجتمع الجزائري، هي أسوار المؤسسات التربوية خاصة وأن الذين يكتبون تلك العبارات من الشباب المراهق الذين يدرسون إما في الإكماليات أو في الثانويات، حيث ينقلون كل ما يقع معهم من أحداث عبر الكتابات والرسومات الحائطية كطريقة لإيصال صوتهم ورسائلهم، ففي جولة قادت “الموعد اليومي” إلى بعض المؤسسات التربوية في العاصمة وما جاورها، استوقفتنا عدة عبارات و رسومات خطها الشباب على أسوار المؤسسات التربوية التي باتت المكان الأكثر استهدافا من طرف المنحرفين، كما هو الحال لبعض أسوار المؤسسات الوطنية والخاصة المتوزعة عبر الطرق السريعة، إضافة إلى الحواجز المنصبة عبر هذه الطرقات والتي صارت هي الأخرى تعبر عن الانتشار الملحوظ والمتزايد لهذه الظاهرة، وإلى جانب هذا لم تسلم حتى منازل المواطنين والحدائق العمومية من هذا الانحراف.
كلام فاحش سب وشتم
تحمل الكتابات والرسومات الحائطية الكثير من الكلام الفاحش وكذا السب والشتم، حيث تتمحور أغلب الكتابات حول القصص الغرامية لهؤلاء الشباب، إضافة إلى فضح بعض القصص الغرامية للفتيات وكذا رسومات ذات إيحاءات جنسية، إلى جانب شتم وسب شخصيات معروفة وطنيا ومحليا، ما يجعل هذه الظاهرة تأخذ منحى خطيرا للغاية حتى أنها صارت الطريقة المفضلة لشريحة كبيرة من المجتمع والفئة الحساسة جدا، وهي فئة الشباب والمراهقين الذين فضلوا التعبير عن مكنوناتهم في الخفاء وعن طريق الكتابة والرسم، كما أن هذه الكتابات صارت وسيلة أخرى للحرب الباردة التي تنشب بين الفرق الرياضية، وقد اتخذها بعض المناصرين كوسيلة لسب وشتم أنصار الفرق المنافسة.
اجتماعيون ونفسانيون يفسرون الظاهرة
أرجع عدد من النفسانيين والاجتماعيين الذين حاورتهم “الموعد اليومي” الأسباب المؤدية إلى انتشار هذه الظاهرة إلى الضغوط النفسية التي يتعرض لها الشباب والمراهقون على وجه الخصوص، حيث أن هذه الفئة لا تستحي من ذلك التصرف المشين وغير الأخلاقي، إضافة إلى أن هؤلاء المنحرفين يقومون بهذا السلوك عمدا ليفرغوا غضبهم أو قلقهم خاصة مع نقص الوازع الديني والتنشئة الخاطئة للفرد في حد ذاته وفي محيطه، كما أن ظهور القنوات الإباحية ومواقع الأنترنت ساهمت بشكل كبير في تنشئة أفراد غير متخلقين هم سبب انتشار هذه الظاهرة.