مخاوف نفسية وصحية على الممتحنين__ المقبلون على الامتحانات المصيرية.. أيام عصيبة قبل موعد الحسم

مخاوف نفسية وصحية على الممتحنين__ المقبلون على الامتحانات المصيرية.. أيام عصيبة قبل موعد الحسم

تعيش الجزائر فترة الامتحانات المصيرية التي تأجلت بسبب جائحة كورونا، فبينما يقوم المقبلون على امتحان “البيام” باختباراتهم هذه الأيام، يكون المقبلون على شهادة البكالوريا على موعد معها، الأحد المقبل.

مع اقتراب موعد شهادة البكالوريا، يدخل المترشحون وأولياؤهم في سباق مع الزمن من أجل التحضير الجيد لهذه الشهادة، المحددة لمصير المشوار الدراسي للطالب الجزائري، حيث كانت وما زالت للبكالوريا مكانة خاصة ومميزة لدى العائلات الجزائرية، التي تحرص على توفير الجو الملائم والظروف المناسبة للمقبل على اجتياز هذه الشهادة، خاصة هذه السنة التي عاش الطلاب فيها ظروفا استثنائية، ما جعلهم يستغلون فترة الحجر الصحي  للدخول فيما يشبه المعسكر من أجل المراجعة والاستعداد الدراسي والنفسي، فالجميع متأهب ومستعد للمساعدة ولو بكلمة تشجيعية، وهذا كله في سبيل اجتياز شهادة البكالوريا بنجاح.

 

فترة حساسة وموعد حاسم

كل الأعين متجهة صوب امتحان شهادة البكالوريا، الذي تفصلنا عنه أيام قليلة، واتفق جميع المقبلين على هذه الشهادة، من التلاميذ المتمدرسين بإحدى ثانويات الجزائر العاصمة، أن هذه الفترة هي الأكثر حساسية، وصعوبة في حياة الطالب الجزائري منذ بداية مشواره الدراسي.

 

المرشحون للبكالوريا.. وضغط الأيام الأخيرة

وعن التحضيرات التي تسبق الشهادة، أكدت لنا “شيماء .ب” وهي إحدى المترشحات لاجتياز بكالوريا هذه السنة شعبة تسيير واقتصاد، أنها تواظب منذ بداية العام الدراسي، على المراجعة اليومية للدروس، ملتزمة ببرنامج محدد للمراجعة، وضعته لنفسها منذ انطلاق السنة الدراسية، ومع توقيف الدراسة شهر مارس المنصرم وجدت نفسها -على حد قولها- ملمة بجميع الدروس، وفي أتم الاستعداد لاجتياز الامتحان، أما “محمد ” شعبة علوم تجريبية  فقد أخبرنا بأن والده قام في الصيف الماضي ببناء غرفة خاصة له في سطح المنزل، من أجل الابتعاد عن ضوضاء عائلته متعددة الأفراد، والتفرغ فقط للدراسة والتحضير للبكالوريا، حيث قال بلهجة ساخرة “لقد اشتقت لعائلتي، لأني صرت نادرا ما أتحدث إليهم، وكأنني مسافر، فمنذ بداية الحجر الصحي وأنا غالق على نفسي في غرفة السطح للمراجعة”، خاصة وأنه كان مستهترا نوعا ما خلال الفصل الأول، وختم “محمد ” دردشته معنا بأمنيته في أن يكون من المتفوقين في بكالوريا هذه السنة.

وعند أحد الأساتذة الذين يقدمون دروس الدعم، كانت هناك مجموعة من التلاميذ المقبلين أيضا على امتحان شهادة البكالوريا لهذه السنة، شعبة آداب وفلسفة، وعلى عكس المترشحين الأولين، اعترفت لنا هذه المجموعة من الأصدقاء بعدم جديتهم وعدم مواظبتهم على الدراسة، حيث يقول “أسامة” أحد أفراد هذه المجموعة إن استهزاءنا وعدم اكتراثنا بمسألة تنظيم الوقت والمتابعة المستمرة للدروس، جعلنا متأخرين، إلا أننا نحاول تدارك هذا الوضع، خاصة وأن الدروس متعلقة فقط بالفصلين الأول والثاني، حيث أكد لنا المتحدث بأنه وأصدقاءه، صاروا في الفترة الأخيرة، يدرسون في النهار عند أساتذة مختصين و في الليل يقومون بحل نماذج يتبادلونها مع بعض عن طريق الانستغرام.

 

… وللأولياء حظهم من التأهب والاستعداد والمتابعة

ولا تقتصر هذه الحالة من الاستعداد على التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا، بل تمتد لتطال أولياءهم الذين يدخلون بدورهم في حالة من التأهب والاستعداد، والتوتر الذي يزداد باقتراب موعد الامتحان، محاولين مساعدة أبنائهم بشتى الطرق، وتوفير كل الظروف المواتية للدراسة والمراجعة، في سبيل تسجيل أسمائهم ضمن قائمة الناجحين في هذه الشهادة، التي لديها وقع خاص، وأثر مميز لدى المترشح وعائلته.

وأكدت لنا “جميلة” التي ستجتاز ابنتها الوحيدة شهادة البكالوريا هذه السنة، أنها سجلت ابنتها، منذ بداية العام الدراسي في الأقسام التي تقدم دروس الدعم، من أجل التأكد من إلمامها بكل صغيرة وكبيرة، حول برنامجها الدراسي، وحصولها على معلومات ربما لا يقدمها الأستاذ في المدرسة، كما أكدت لنا المتحدثة أنها حريصة على راحة ابنتها النفسية، وعلى تقديم غذاء مفيد وصحي لها، ليزودها بالنشاط ويساعدها على التركيز والمراجعة.

أما “فريدة” وهي والدة طالبتين اثنتين مقبلتين على اجتياز امتحان البكالوريا، تؤكد أنها بذلت كل جهدها من أجل ألا تؤثر أخبار الوباء على نفسية ابنتيها وكرست كل وقتها لراحتهما ودعمهما خاصة وأنهما في أمس الحاجة إليها، لأنه لم يتبق للامتحان سوى أيام معدودة.

المختص النفسي مخلوفي حميد: “على الطالب الابتعاد عن كل ما يرهقه”

وعن الحالة النفسية التي يعيشها المترشح لشهادة البكالوريا، يؤكد المختص النفسي الأستاذ مخلوفي حميد، أن الطالب يعيش ضغطا نفسيا كبيرا، منذ بداية العام الدراسي، إلا أن هذا الضغط يزداد ليتحول إلى ما يسمى لدى المختصين بـ “الحصر”، الذي تبدأ أثاره في الظهور لدى الطالب المقبل على هذه الشهادة مع اقتراب موعد الامتحان، وذلك من خلال بعض الاضطرابات النفسية التي يترجمها الطالب عن طريق بعض السلوكيات الانفعالية غير العادية كعدم النوم، الارتعاش أو حتى الإسهال.

ويؤكد المختص النفسي أن هذه الحالة تختفي، أو بالأحرى تدخل مرحلة الكمون لدى الطالب بمجرد استلامه لورقة الامتحان، لتعاود الظهور عند نهايته، وهو ما يفسر عديد حالات الإغماء وسط الطلبة بمجرد تسليم ورقة الامتحان، ولهذا ينصح المختص  كل الطلبة المقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا لهذه السنة، بالابتعاد عن كل ما قد يتسبب في إرهاقهم نفسيا أو جسميا، كالمشروبات المنبهة مثل الشاي والقهوة، والمحافظة على مواعيد نومهم، وعلى الطالب التوقف عن المراجعة 48 ساعة قبل موعد الامتحان، لإعطاء المخ فرصة للتأكد وترتيب المعلومات.

 

دور الأولياء مهم وفعال في تحضير الأبناء

أما عن دور الأولياء في تهيئة أبنائهم لهذا الامتحان المصيري، يقول المختص النفسي، إن لهم دور هام وجد فعال، حيث يترتب عليهم توفير الظروف المناسبة للمراجعة والدراسة، للطالب المقبل على هذه الشهادة، كما ينصح الأولياء بتوجيه أبنائهم ومرافقتهم منذ بداية العام الدراسي، لتخفيف الضغط الذي يعيشونه من خلال محاورتهم ومتابعة احتياجاتهم، وكذا المشاكل التي قد تواجههم من الناحية التعليمية والنفسية.

لمياء بن دعاس