محمد عزوق من مواليد 5 ديسمبر 1973 في الجزائر العاصمة، أحب الرسم منذ الصغر وشجعه عمه الذي كان معماريا ورساما على ولوج عالم الفن التشكيلي. عمل هذا الفنان بنصيحة عمه ودخل المدرسة العليا للفنون الجميلة في الجزائر العاصمة عام 1993، وحصل على دبلوم الدراسات الفنية العليا. شارك بعد تخرجه في العديد من المعارض الوطنية والدولية، التي لفتت إليه أنظار المعجبين والعارفين.
نال هذا المبدع عدة جوائز منها جائزة أفضل فنان أجنبي، في مسابقة الفن التشكيلي الدولية في نيس بفرنسا، كما فاز بالميدالية الفضية في معرض باليابان عام 2014 و جائزة “نسر مدينة نيس الفرنسية”. حصل كذلك على الجائزة الفخرية الدولية لنادي Zervas Art Club Unesco” ” في معرض باريس الخامس للفنون.
يقوم هذا الفنان باستمرار بمراقبة وتحليل الجانب الاجتماعي والنفسي للإنسان، في تعامله مع محيطه وهو يبحث دوما في أعماله عن التفاصيل التي ستحدد الملامح المتتالية التي نكتشفها في أعماله المعاصرة، وذلك من خلال لوحاته ومنحوتاته وتركيباته. ويكتشف عاشقو الفن التشكيلي هذا الابداع بفيلا عبد اللطيف بأعالي العاصمة بمناسبة احتضانها معرضا مميزا للفنان محمد عزوق تحت عنوان “التوبة” وهو عبارة عن تركيب ونحت ولوحات تضع الإنسان أمام نفسه وتحثه على التفكير في تغيير سلوكاته التي قد تؤدي إلى الدمار إن استمرت.
ويطرح الفنان التشكيلي محمد عزوق في هذا المعرض الذي تنظمه الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ويتواصل إلى غاية 8 جانفي 2022 تساؤلات وتأملات فلسفية وواقعية حول مستقبل الإنسان في عصر التكنولوجيا، في تشكيلة من الأعمال الفنية التي جمعت بين النحت والتركيب والرسم قدم فيها الفنان طرحا جديدا ومثيرا.
ترتبط كل الأعمال المعروضة مع بعضها في طرح الفكرة الرئيسية وتطويرها كما في تلك الأعمال التي تتناول مسألة “الحرب واللاجئين من خلال صور الضياع والبؤس الذي يعيشه هؤلاء”، وقد اهتم المبدع في النماذج التي جسدها بالحالات النفسية والمظهر الخارجي لهؤلاء دون التركيز على ملامحهم الشخصية ليقول في النهاية “إن ما يهم هو تلك الحالة من الضياع التي يعيشها هؤلاء دون تمييز”.
وتنغرس ريشة الفنان في تلك الأعمال المعاصرة التي يطغى عليها اللون الأبيض والأسود أعماق الإنسان الحالي لاستنطاق مخاوفه وأحزانه وأحيانا العنجهية والغرور المدمر الذي يميزه. وكان الفنان يقول لهؤلاء انظروا حولكم وامنحوا فرصة لأنفسكم للتحكم في سلوككم وردود أفعالكم.
وقال الفنان إن هذا المعرض “جديد واستغرق انجازه قرابة السنتين”، مضيفا أنه استغل فترة الوباء وانعكاساتها على نفسية وسلوك الناس لإنجاز هذه الأعمال للتعبير عن المحنة التي يعيشها الناس بسبب هذا الوباء.
ويواصل الفنان الحديث في تركيباته عن الضياع الذي يعيشه الإنسان في هذه الدوامة وسط إفراط كبير في استعمال التكنولوجيا خاصة في مجالات الاتصال.
وفي تركيبة بعنوان “التوبة” أقيمت في زاوية من جناح العرض، يعرض محمد مجموعة من الثياب الرثة والمتسخة تحيط بها أضواء أفقية وينبعث من ورائها صوت تسرب المياه التي تسقط على الثياب لتنظيفها من الذنوب. عمل يشير إلى أن الحل هو في التخلص من آثار تلك السلوكيات والمواقف السيئة هو العودة إلى طريق الصواب.
وفي إحدى التركيبات المعنونة بـ “الغربال”، يقترح الفنان الحل للمعضلة المطروحة في معرضه في هذا العمل الفني المعبر يجسد من خلالها غربلة مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها الانسان مثل الغرور والانفعال وغيرها. جسد الفنان المساوئ في سبع كلمات باللون الأسود وبعد الغربلة تتحول إلى كلمات إيجابية بيضاء طاهرة.
وينصح الزوار وعشاق هذا الفن “بتناول قرص الايمان” وهو إبداع أنجزه الفنان كحوصلة لمعنى هذا المعرض.
ب/ص