ندوة علمية بالمركز الثقافي لجامع الجزائر

محمد المأمون القاسمي: التقويم الهجري ليس ترفا فقهيا بل مكوّن من مكونات السيادة الرمزية للأمة

محمد المأمون القاسمي: التقويم الهجري ليس ترفا فقهيا بل مكوّن من مكونات السيادة الرمزية للأمة

أكد عميد جامع الجزائر، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، أن التقويم الهجري لا يعد مجرد وسيلة زمنية لحساب الشهور، بل هو وعاء رمزي وشعائري يمثل بعدا حضاريا وروحيا في وجدان الأمة الإسلامية، مشددا على ضرورة إحيائه وترسيخه في المؤسسات والخطاب الديني.

جاء ذلك في افتتاحه لأشغال ندوة علمية نظمها المركز الثقافي لجامع الجزائر تناولت موضوع “التقويم الهجري” من زوايا فقهية وفلكية. وشارك في تنشيط الندوة، أربعة باحثين وأكاديميين بارزين، قدموا مداخلات علمية متخصصة، على غرار الدكتور أحمد قريق حسين الذي تناول نشأة وعناصر وأنواع التقويم الإسلامي، والدكتور ياسين رحماني بمداخلة عنوانها “ويسألونك عن الأهلة”، فيما تطرق الدكتور محمد العتبي إلى إشكالية إثبات الشهور الهلالية، وطرح الدكتور عمر بزملال إشكالية الشك المتكرر في رؤية الهلال. وفي كلمته الافتتاحية، استحضر الشيخ القاسمي تجربته الشخصية مع موضوع التقويم الهجري منذ سبعينيات القرن الماضي، حين شارك مع المفكر مولود قاسم، رحمه الله، في جهود تبني تقويم إسلامي موحد، يعتمد فيه الحساب الفلكي إلى جانب إمكانية الرؤية الشرعية للهلال. وأوضح أن ثمرة تلك الجهود تجسدت في المؤتمر الأول لوزراء الشؤون الإسلامية المنعقد بالكويت عام 1973، والذي أفضى إلى قرار يعتمد قاعدة فلكية لتحديد أوائل الشهور القمرية، تشترط مكث الهلال بعد الاقتران بزاوية لا تقل عن ثماني درجات، مشيرا إلى أن الجزائر كانت من أولى الدول التي تبنت هذا القرار قبل أن تعود لاحقا إلى نظام التحري التقليدي. وأضاف عميد جامع الجزائر، أن الحديث عن التقويم الهجري هو في جوهره حديث عن شعائر الدين ومواقيتها، وعن الزمن كقيمة إسلامية تربط الإنسان المسلم بعباداته وهويته، محذرا من أن إهمال هذا التقويم يعني فقدان البوصلة الرمزية للشعائر الإسلامية في حياة المسلمين. ودعا القاسمي إلى ضرورة إدراج التاريخ الهجري في مناهج التعليم والخطاب الديني ومؤسسات الدولة، لما له من دور في ترسيخ الوعي بالهوية الحضارية والموقع الرمزي للأمة في سياقها الزمني. كما أعلن عن استعداد جامع الجزائر، من خلال مجلسه العلمي، لاحتضان ملتقيات علمية تجمع بين علماء الشريعة والفلك، بهدف بلورة تصور علمي مشترك لتقويم هجري موحد، يزاوج بين المصداقية الشرعية والدقة العلمية، ويعتمد كأساس لاجتهاد جماعي يعزز وحدة المسلمين في مناسباتهم الدينية.

محمد بوسلامة