تعد معركة قصر مليكة بغرداية، التي خاضها مجاهدو جيش التحرير الوطني في 6 أكتوبر 1961 ضد قوات الاستعمار الفرنسي، محطة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال.
وتجسد هذه المعركة المجيدة في ذاكرة كثير من المجاهدين، لحظة قوية من تاريخ النضال البطولي لسكان المنطقة الذين احتضنوا مجموعة من المجاهدين القادمين من الشمال، من بينهم ضباط في جيش التحرير الوطني مثل أحمد طالب وسعيد عبادو وعابد الزروال، إلى جانب ضباط صف كمحمد لازرق وموسى سويلم ولخضر بركاوي والمجاهد محمد قرة، الذين قدموا من أجل الاستطلاع حول وضعية الكفاح في الجنوب وتوعية السكان. وأكد المجاهد الراحل، محمد قرة، أحد أبناء قصر مليكة، في شهادات سابقة، أن هؤلاء المجاهدين قدموا في سرية تامة من الشمال لإعادة هيكلة وتنظيم العمل الثوري في المنطقة، غير أن قوات الاحتلال تمكنت من تعقب أثرهم حتى مكان إقامتهم في القصر.
واستنادا للمجاهد قرة، فإن قوات الجيش الاستعماري، وبعد تحديد موقع تواجد المجاهدين، اقتحمت قصر مليكة، حيث بادر الشهيد أحمد طالب بالهجوم على القوة المعادية، مما أسفر عن مقتل جنديين فرنسيين، قبل أن يسقط شهيدا برصاص قوات الاحتلال التي كانت مدعومة بالطيران الحربي، حيث قامت بقصف منازل القصر، ما أدى إلى إصابة واعتقال بقية المجاهدين، الذين لم يفرج عنهم إلا بعد الاستقلال. وتعد هذه المعركة، التي يحييها المواطنون اليوم بكل فخر واعتزاز، شاهدا على التضحيات الجسيمة التي قدمها الشهداء والمجاهدون الأبطال، القادمون من مختلف جهات الوطن، والتي خلدت بأحرف من ذهب في سجل ثورة التحرير المجيدة. وصرح العديد من المواطنين بأن هذه المناسبة تشكل مصدر إلهام للأجيال الصاعدة بقيمها السامية المتمثلة في التضحية والشجاعة وروح التضامن والوحدة الوطنية، كما تعد درسا بليغا في وحدة الشعب الجزائري الذي سقت دماؤه كافة أنحاء الوطن. وقد اغتنمت الأسرة الثورية وسكان غرداية هذه الذكرى لتجديد العهد مع الشهداء والتأكيد على الوفاء لتضحياتهم، مع التشبث الدائم بمبادئ نوفمبر وروح الكفاح الوطني. وشهدت المناسبة إعداد برنامج ثري لإحياء ذكرى معركة قصر مليكة، تضمن وقفة ترحم على أرواح الشهداء، إلى جانب تنظيم معارض وفعاليات رياضية متنوعة، تعبيرا عن الوفاء للتاريخ والمجاهدين.
ب/ص