حرب الإبادة الدموية الجارية منذ 7 أكتوبر الماضي والمستمرة لنحو شهر ونصف، دفعت سياسيين مصريين ومغربيين لتقديم الاعتذار عن مشاركاتهم السابقة وأحزابهم في عمليات التطبيع، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول دور “طوفان الأقصى” وجرائم إسرائيل في تغيير قناعات سابقة لدى السياسيين والمثقفين المطبعين العرب.
فما حدث ولا يزال يحدث من جرائم وفظائع في غزة يندى لها جبين الإنسانية، تقتل فيها آلاف الأطفال والنساء، وتدمر فيها المنازل والمباني على رؤوس البشر، وتصطف فيها جثث الأبرياء لا تجد من يدفنها… فالشارع العربي يشهد تحولا مثيرا نحو رفض التطبيع منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والتي كشفت عن ضعف الكيان الصهيوني، بكل ما يملك من آلة عسكرية وأمنية ومخابراتية أمام سلاح بدائي للمقاومة. وعلى سبيل المثال، فوجئ المصريون، بمقال تحت عنوان “اعتذار”، بصحيفة “الأهرام” اليومية الحكومية القاهرية، للسياسي المصري الدكتور أسامة الغزالي حرب -وهو أحد أكبر رموز التطبيع ودعاته في مصر كما يصفه البعض- يقدم اعتذاره لفلسطين والأمة العربية عن دعمه للتطبيع.و وكتب قائلا: “هذا اعتذار أعلنه -أنا أسامة الغزالي حرب- كاتب هذه الكلمات، عن موقفي الذي اتخذته، كواحد من مثقفي مصر والعالم العربي، إزاء الصراع العربي-الإسرائيلي، بعد نصف قرن من المعايشة ومئات الدراسات والأبحاث العلمية والمقالات الصحفية، والمقابلات الصحفية، والزيارات الميدانية”. وختم قوله بـ”أعتذر لشهداء غزة، ولكل طفل وامرأة ورجل فلسطيني”. وفي المغرب قال رئيس الوزراء المغربي الأسبق، الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المغربي، عبد الإله بنكيران، إن حزبه أخطأ بتوقيعه اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني. فمهما سارع البعض من المطبعين العرب لغسل أياديهم من تلك الجرائم البشعة، والتي تستأهل محاكمة مرتكبيها ومؤيديها أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولو أفلت المطبعون من المحاكمة الدولية فلن يفلتوا من المحاسبة القانونية والشعبية”. ولن يكفي اعتذار المعتذرين فالتطبيع دائما قمة يصعب تسلقها في العالم العربي، والآن أصبح الأمر أكثر صعوبة وهو عار لا يمحوه مجرد اعتذار”.