محاولات طبية لفهم أسبابه وكيفية التعامل معه.. انخفاض الإصابات بالجلطات القلبية في فترة “كوفيد ـ 19”

محاولات طبية لفهم أسبابه وكيفية التعامل معه.. انخفاض الإصابات بالجلطات القلبية في فترة “كوفيد ـ 19”

 

من خلال نتائج الكثير من الدراسات الطبية الصادرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية لباحثين من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، لاحظت أوساط طب أمراض القلب انخفاضاً واضحاً في أعداد الإصابات بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية، كما لاحظت أن ثمة انخفاضاً واضحاً في أعداد المرضى الذين يلجأون إلى أقسام الإسعاف لتلقي المعالجة لنوبات الجلطة القلبية، وكذلك انخفاض معدلات إجراء عمليات القسطرة المستعجلة لعلاجها.

دراسات وملاحظات إكلينيكية

وكانت نتائج دراسة باحثين من إيطاليا، تم نشرها مؤخرا، قد لاحظت انخفاض حالات الدخول بسبب نوبة الجلطة القلبية إلى المستشفيات الإيطالية خلال فترة جائحة “كوفيد _ 19″، وذلك مقارنة بالفترة الزمنية نفسها من العام الماضي. وقال الباحثون إن ذلك الانخفاض حصل بشكل متقارب جداً في مناطق شمال ووسط وجنوب إيطاليا، ذات المعدلات المتفاوتة في الإصابات بعدوى “كوفيد – 19”.

سر انخفاض النوبات

وضمن عدد 18 أوت الحالي من مجلة القلب الأوروبية، عرض الدكتور أوجينيو بيكانو، طبيب القلب ومدير معهد الطب الحيوي للفيسيولوجيا الإكلينيكة في بيزا بإيطاليا، مقالة طبية حول جانب من المحاولات العلمية والإكلينيكية لتفسير هذه الملاحظات الطبية عن معدلات الإصابة بنوبة الجلطة القلبية. وأفاد العنوان الطويل لمقالته الطبية كثيراً مما احتوى عليه، والذي كان: “أين ذهبت كل نوبات الجلطة القلبية أثناء الإغلاق؟ الجواب يسطع في الرياح الأقل تلوثاً: من المحتمل أن يؤدي انخفاض التلوث بسبب الإغلاق إلى الحد من حالات الدخول الحاد (إلى المستشفيات) بسبب القلب والأوعية الدموية والحد من الوفيات القلبية الوعائية البيئية الحادة، بسبب انخفاض تركيز الجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين في الهواء”.

ولفهم ما يحصل في شأن معدلات نوبات الجلطة القلبية، يحاول أطباء القلب التفريق بين أمرين؛ الأول: هل ثمة بالفعل انخفاض حقيقي في حصول الإصابات بنوبة الجلطة القلبية؟ أم أن الحاصل هو تدني الرصد الدقيق لتلك الحالات نتيجة عدم إقدام المُصابين بنوبة الجلطة القلبية على الذهاب للمستشفى لتلقي المعالجة الطبية المستعجلة؟

كما يُحاول أطباء القلب إيجاد تفسيرات علمية ومنطقية لـ “تداعيات” هذين الاحتمالين (سواء الانخفاض الحقيقي أو عدم الذهاب للمستشفى) على كل من: الانخفاضات الحالية المُلاحظة في أعداد المرضى المراجعين لأقسام الإسعاف بسبب نوبات الجلطة القلبية، وانخفاض تعداد إجراء عمليات القساطر لمعالجة النوبات القلبية تلك. وتبعاً لذلك، فإن البحث في مدى احتمالات حصول أو عدم حصول “ارتفاعات أو انخفاضات مستقبلية” تالية في الشهور المقبلة لأعداد مرضى القلب الذين إما أن يكونوا قد أُصيبوا بالفعل بنوبات الجلطات القلبية وستتطلب معالجتهم إجراء القسطرات القلبية لمعالجة أمراض الشرايين لديهم، أو أنه سيكون ثمة تدنٍ في تلك الأعداد للمرضى نتيجة للعوامل الصحية الإيجابية التي أدت إلى ذلك الانخفاض المُلاحظ.

وبالرغم من اعتقاد البعض أن الخوف من التقاط عدوى “كوفيد _ 19” كان المانع من الذهاب إلى المستشفيات لتلقي المعالجة، ما أدى إلى انخفاض معدلات رصد الإصابات بنوبة الجلطة القلبية، فإن البعض الآخر في أوساط طب القلب يميلون إلى أن ثمة بالفعل انخفاضاً فعلياً في الإصابات بنوبات الجلطة القلبية خلال فترة الشهور الماضية، ويُعطون عدداً من التفسيرات المنطقية ذات العلاقة بآليات ارتفاع احتمالات حصول تلك النوبات القلبية.

تلوث الهواء والقلب

وأحد تلك التفسيرات هو انخفاض معدلات تلوث الهواء ومعلوم أن ارتفاع معدل تلوث الهواء ذو صلة وثيقة بارتفاع الإصابات بأمراض شرايين القلب والدماغ. وقال الدكتور بيكانو في مقالته الطبية متقدمة الذكر: “وبسبب الإغلاق خلال جائحة (كوفيد – 19) باعتباره الاستراتيجية الأكثر فاعلية لاحتواء انتشار الفيروس، حصل تحسّن أفضل في جودة الهواء، وهي التي يمكن اعتبارها: النتيجة الأفضل التي حصلت نتيجة للسبب الأسوأ (أي جائحة كوفيد _ 19).

وأضاف ما مفاده: “لقد أدت جائحة مرض (كوفيد – 19) إلى تغيرات مفاجئة في حياتنا. وقد يأتي الانخفاض الملحوظ في دخول المستشفيات، بسبب الخوف من الإصابة بالعدوى. وصحيح أن في هذه الظروف من الصعب التفكير في الجوانب الإيجابية على القلب، ولكن قد يكون بعضها قد حصل بالفعل. إذْ قد انخفض الدخول الإسعافي للمستشفى بسبب أمراض الشرايين القلبية، كما يُمكن توقع تأثير مفيد محتمل على الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية الدماغية”.

واستطرد موضحاً بقول ما ملخصه: “إن انخفاض الجسيمات الميكرونية الدقيقة PM وثاني أكسيد النيتروجين والأوزون في الهواء، يعني انخفاض دخول المستشفيات بأمراض القلب والأوعية الدموية، وربما انخفاض معدل وفيات القلب والأوعية الدموية الناجمة عن الأسباب البيئية على المدى الطويل. وهذه الانخفاضات يمكن أن يُتوقع أن تُترجم في فوائد صحية”.

 

أعراض النوبة القلبية وسرعة العلاج

وفق ما تشير إليه مصادر طب القلب، تشمل علامات النوبة القلبية وأعراضها كلاً من: ضغط أو ضيق أو ألم أو إحساس ضاغط أو مؤلم بالصدر أو الذراعين قد ينتشر إلى الرقبة أو الفك أو الظهر، غثيان أو عسر هضم أو حرقة في فم المعدة أو ألم في البطن، وضيق النفس، وعرق بارد، والإرهاق، ودوار أو دوخة مفاجئة.

ولكن قد لا يعاني جميع المصابين بالنوبة القلبية من هذه الأعراض نفسها، بل قد يكون ألم الصدر خفيفاً، وبعضهم قد لا يشكو من ألم الصدر.

كما أن بعض النوبات القلبية قد تبدأ بألم مفاجئ وبصفة حادة، وبعضها الآخر قد يتطور مع الوقت بعلامات تحذيرية مرافقة، مثل تكرار ألم أو ضغط الصدر عند بَذلِ المجهود، وزواله مع الراحة (ألم الذبحة الصدرية).

وعند الشكوى من أي الأعراض القلبية هذه، تجدر المسارعة على الفور في طلب المعونة الطبية. وذلك بالاتصال لطلب سيارة الإسعاف أو بمرافقة أحدهم لقيادة السيارة والتوجه إلى المستشفى مباشرة.

وإذا كان الشخص مريضاً بالقلب، يجدر به تناول الأدوية التي يوصيه الطبيب بها عند ظهور هذه الأعراض، وهي عقار نيتروغليسرين الذي يُوضع تحت اللسان، وتناول الإسبرين.

وعند الوصول إلى المستشفى يتم التأكد من استقرار الحالة الصحية العامة وضغط الدم ونبض القلب وغيرها من المؤشرات الحيوية. كما يتم إجراء رسم تخطيط كهرباء القلب وسحب عينة من الدم للتأكد من إنزيمات القلب، إضافة إلى تحليل دم آخر، وإجراء أشعة الصدر، وربما إجراء تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية.

ومع ظهور نتائج هذه الفحوصات، ومدى استقرار الحالة الصحية، ومدى الشعور بألم الصدر، يكون القرار الطبي بالمراحل التالية من المعالجة، التي قد تشتمل بالإضافة إلى الأدوية، إجراء قسطرة لتصوير شرايين القلب التاجية، وإجراء المعالجة حينها بتثبيت الدعامة لو تم رصد السدد أو الضيق الشديد فيها.