إن الإسلام حرَّم الخمر، وحرَّم المسكرات والمخدِّرات والمفتِّرات؛ لأن جنايتها على الناس جناية عظيمة؛ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر”، بل لعن النبي في الخمر عشرة؛ فقد روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها”، والمخدرات أشد وأخبث من الخمر؛ فقد جمعت جميع الشرور وأسباب الفساد؛ والله تعالى يقول: ” وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ” الأعراف: 56، وأضرار المخدرات على متعاطيها، وعلى المجتمع كثيرة، يصعب حصرها؛ فهي تؤدي بمتعاطيها إلى ذهاب عقله، وتبدل طبائعه، ومسخه إلى شيطان في صورة إنسان، وهي تقوده إلى فقدان الأمانة، وتفريطه فيما يجب عليه حفظه ورعايته؛ فلا يُؤمَن على مصلحة عامة، ولا على أموال، ولا على عمل، بل حتى لا يُؤمَن على محارمه وأسرته؛ لأن المخدرات قد أفسدت عليه إنسانيته والعياذ بالله، وهي تجعل متعاطيها منبوذًا ومكروهًا حتى من أقرب الناس إليه؛ فينعزل عن المجتمع، ويتحاشى الجميع مجالسته والوثوق به، وهي تدمِّر صحة من يتعاطاها، فتهجُم عليه الأمراض المستعصية والأمراض النفسية،
واعلم أن للمخدرات أسبابًا تؤدي إلى انتشارها في أي مجتمع، فواجب على الجميع التعاون فيما بينهم، والتصدي لها ولأسباب انتشارها، وإن أول الأسباب وأعظمها لانتشار المخدرات هو انعدام التربية السليمة في البيت؛ فالطفل كالصفحة البيضاء ترسم فيها ما تشاء، فأحسنوا تربية أبنائكم، وحُوطُوهم برعايتكم، وكونوا قدوة صالحة لهم، وإذا كبِروا فاملؤوا فراغهم بما يعود عليهم بالنفع، وإلا كان الفراغ وبالًا عليهم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ”، واحذروا وحذِّروهم من الرفقة السيئة، لا تتركوهم فريسة لذئاب البشر الذين يبنون ثرواتهم الملوثة على حساب تدمير أبناء المسلمين، وإن مرافقة الأبناء لقوم منحرفين ومصاحبتهم يؤثر كثيرًا على عقولهم وتفكيرهم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل”. كما أن المخدرات بلاء ودمار على الإنسان والمجتمع، خصوصًا ما ظهر منها في هذا العصر من مركبات كيميائية خطيرة تعطَب العقل، وتقتل روح الحياة، وتسلُب الإنسانية، وتُعجِّل بالوسوسة والهلوسة، وتُوقِع الإنسان في جرائم القتل والاعتداء على الأنفس والممتلكات، وجميع أفراد المجتمع متضررون من المخدرات، والمستفيد الوحيد من المخدرات هو ذلك المجرم المروِّج الذي يريد أن يدمر أخلاق الناس، وأعراضهم وأموالهم، ودينهم ودنياهم، ويُفسِد ويُضيِّع أبناءهم وبناتهم وأُسَرهم؛ ولذلك فقد حاربتها دول العالم جميعا بلا استثناء، ولا ينبغي أن تقتصر مكافحتها ومحاربتها على جهة معينة، بل يجب أن يشترك الجميع في محاربتها.
من موقع الالوكة الإسلامي