عرف مجلس الأمة، الاثنين، تحولا جديدا في قيادته، مع انتخاب القاضي السابق والنائب البرلماني الأسبق، عزوز ناصري، رئيسا جديدا للمجلس، خلفا للمجاهد صالح قوجيل، وذلك في سياق التجديد النصفي لأعضائه.
ويأتي هذا التغيير ليكرّس ديناميكية التداول داخل المؤسسة التي تأسست في مطلع جانفي 1998، بموجب تعديل دستوري أدخل في سنة 1996، والذي نص على إنشاء غرفة ثانية للبرلمان إلى جانب المجلس الشعبي الوطني. الرئيس الجديد للمجلس، عزوز ناصري، يعد واحدا من الوجوه البارزة في السلك القضائي الجزائري، إذ امتدت مسيرته المهنية على مدار عقود، بدأها قاضيا بمحكمة الشلف ضمن الخدمة الوطنية، ثم تنقل بين مناصب عدة في القضاء، منها مساعد نائب عام في مستغانم، ونائب عام في سكيكدة ثم قسنطينة. لاحقا، تولى مناصب عليا في وزارة العدل، وعين نائبا عاما مساعدا لدى المحكمة العليا. كما كان عضوا في المجلس الدستوري في منتصف التسعينيات، قبل أن يتولى رئاسة المحكمة العليا كأول رئيس لها بين سنتي 1995 و2001. ولم يقتصر حضوره على السلك القضائي، بل دخل غمار العمل السياسي، ممثلا لحزب جبهة التحرير الوطني في المجلس الشعبي الوطني بين 2002 و2007، ثم عين عضوا بمجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي سنة 2022، إلى غاية انتخابه رئيسا للمجلس في 2025. وتعول المؤسسة التشريعية على خلفيته القانونية وتجربته الطويلة في مؤسسات الدولة لقيادة مرحلة جديدة من العمل البرلماني. منذ تأسيسه، عرف مجلس الأمة تداول أربع شخصيات على رئاسته، بدأت بالبشير بومعزة الذي قاد مرحلة التأسيس ما بين 1998 و2002، في ظل تحولات سياسية عميقة عاشتها البلاد آنذاك. وبعده جاء عبد القادر بن صالح الذي استمرت ولايته لنحو 17 عاما، جعلته أحد أطول رؤساء المجلس بقاء في المنصب، قبل أن يبرز بدوره في واجهة المشهد السياسي كونه تولى رئاسة الدولة مؤقتا عقب استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أفريل 2019. خلفه المجاهد صالح قوجيل، الذي تولى قيادة المجلس في ظرف حساس تميز بمخرجات الحراك الشعبي، وساهم خلال فترته في دعم التعديلات الدستورية التي جرت سنة 2020، وسعى إلى ترسيخ دور الغرفة العليا ضمن المسار السياسي الجديد في البلاد. ويضم مجلس الأمة 144 عضوا، يتم انتخاب 96 منهم عن طريق الاقتراع غير المباشر، بينما يعين رئيس الجمهورية 48 عضوا، وهو ما يعرف بالثلث الرئاسي. ويضطلع المجلس بأدوار تشريعية أساسية، أبرزها دراسة مشاريع القوانين، ومراقبة عمل الحكومة، وإبداء الرأي في القضايا الكبرى، ليشكل بذلك أحد ركائز النظام السياسي في الجزائر. انتخاب عزوز ناصري، يفهم في سياق عام يشهد تحولات سياسية ودستورية متسارعة، ويعد مؤشرا على رغبة السلطة في ضخ دماء جديدة من ذوي الكفاءة والخبرة القانونية لتعزيز أداء المؤسسة التشريعية ومواكبة تطلعات المرحلة المقبلة.
محمد بوسلامة



















































































































