أصبحت أجهزة التنفس الاصطناعي رمزًا لجائحة كورونا، كونها تمثل أفضل أمل للبقاء على قيد الحياة لمرضى كوفيد-19 الذين تدهورت حالاتهم بحيث لم يعودوا قادرين على استنشاق الأكسجين اللازم لإبقائهم على قيد الحياة.
لكن تساؤلات عدة تدور في الآونة الأخيرة حول ما إذا كان جهاز التنفس الاصطناعي يسبب ضررًا لمريض كوفيد-19، حيث إن أولئك الذين يتعافون من عدوى فيروس كورونا، ويبقون على قيد الحياة بعد وضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي سيواجهون مشاكل مستمرة في التنفس ناتجة عن الجهاز أو الضرر الذي أحدثه الفيروس.
وتكمن المشكلة في أنه كلما طالت مدة البقاء على أجهزة التنفس الاصطناعي، زادت احتمالية تعرض المريض للمضاعفات المتعلقة باستخدام هذه الأجهزة بصفة عامة سواء بسبب مرض كوفيد-19 أو غيرها من أمراض الجهاز التنفسي والرئتين.
في هذا السياق، قال الدكتور أوديت تشادا، طبيب أمراض الرئة في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك، “بدأت بعض وحدات العناية المركزة في المستشفيات والمراكز الطبية من هذا المنطلق، في تأخير قرار وضع مرضى كوفيد-19 على أجهزة التنفس الاصطناعي إلى آخر لحظة ممكنة، عندما يكون حقًا قرار حياة أو موت.
وأضاف: “كان هناك اتجاه في وقت سابق منذ تفشي الجائحة بوضع المرضى على أجهزة التنفس الاصطناعي في وقت مبكر، لأن حالاتهم كانت تتدهور بسرعة كبيرة. ولكن يتجنب الكثير من الأطباء اتخاذ قرار الوضع على الأجهزة الاصطناعية حاليا، حيث يتم ترك هؤلاء المرضى يتحملون المزيد من نقص الأكسجين، ولا يتم اللجوء لهذا الحل إلا مع ضيق التنفس الشديد، وعندما يصبح الخيار الوحيد لإبقاء المريض على قيد الحياة”.
ومن المعروف أن أجهزة التنفس الاصطناعي تقوم بدفع الأكسجين إلى رئتي المرضى المصابين بأمراض خطيرة، لكن يجب أن يتم تخدير المرضى ووضع أنبوب عالق في حلقهم، ويوضح دكتور تشادا أن الجهاز في هذه الحالة يتنفس بدلا من المريض، وبالتالي فإن المرضى غالبًا ما يعانون من ضعف في الحجاب الحاجز وجميع العضلات الأخرى المرتبطة بسحب التنفس، مما يؤدي إلى صعوبات جمة للناجين والمتعافين في التنفس عند الحركة أو أي نشاط زائد قليلا.
كما أوضح أنه في مثل هذه الحالات يجب أن تكون “كمية الأكسجين التي يحتاج الطبيب إلى توصيلها لرئتي المريض عادة أقل”، محذرا من أنه إذا لم يتم مراعاة الخطوات والإعدادات بشكل صحيح فإنه من المرجح أن يتسبب جهاز التنفس الاصطناعي في صدمة إضافية للرئتين.
في حين أكد تشادا أن المرضى الذين يتم وضعهم على أجهزة تنفس اصطناعي، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى لاحقًا، ويعاني العديد منهم من خطر المضاعفات النفسية، حيث يتعرض 25% منهم لاضطراب ما بعد الصدمة، وربما يصاب 50% منهم بالاكتئاب. ولهذه الأسباب وغيرها من المضاعفات أصبحت وحدات العناية المركزة أكثر حذراً في استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي وتستخدم ضخ الأكسجين وموسعات الشعب الهوائية مثل أكسيد النيتريك عن طريق أجهزة الكمامات على الأنف لأطول فترة ممكنة، خاصة أن جهاز التنفس الاصطناعي ليس “دواء أو علاجا وإنما هو جهاز يدعم جسم المريض، فيما يتم علاجه بأدوية أخرى ويقاوم جهازه المناعي الذاتي الالتهاب الناجم عن العدوى”.