عاش المتحف الوطني للمجاهد، الخميس، حدثا تاريخيا بارزا باحتضانه لوثائق وأغراض الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس، في إطار مسعى الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتخليدا لذكرى رحيل رائد النهضة في الجزائر.
وتتمثل هذه الأغراض التي قدمها شقيق الإمام بن باديس، السيد عبد الحق، ونجلة هذا الأخير، عضو مجلس الأمة، فوزية بن باديس وتم تخصيص جناح استثنائي لها بالقاعة الكبرى للمتحف، إجازة القراءات السبع وقشابية وعكاز عليه اسم الشيخ وكرسي خشبي أخضر وأفرشة صوفية لا تزال على حالها وبطانية مخططة وشهادة التطويع ودفتر التلاميذ للشيخ وأعداد من ”البصائر” ومذياع.
وخلال حفل التسليم الذي جرى تحت إشراف وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بحضور وزير الاتصال، محمد بوسليماني، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، إلى جانب عدد من الشخصيات التاريخية، ثمن السيد ربيقة “الإرث التاريخي الخاص بالشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أهداه شقيق العلامة للمتحف”، مؤكدا بالقول: “إننا نقف وقفة تقدير وعرفان للسيد عبد الحق بن باديس وعائلته على مساهمتهم القيمة في إثراء رصيد المتحف بالوثائق التاريخية والأغراض الشخصية للشيخ بن باديس”.
ودعا الوزير الذي يرافق هذه العملية منذ سنة، كل من يملك رصيدا وثائقيا أو أغراضا أو مقتنيات ذات الصلة بتاريخ المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر إلى تقديمها للمؤسسات المتحفية للمجاهد على المستوى الوطني، باعتبارها المكان الطبيعي المؤهل لاحتضان هذه الشواهد التاريخية والرافد المثالي لضمان الترابط بين الموروث التاريخي والأجيال الصاعدة. كما استعرض الوزير جانبا من تاريخ ونضال العلامة، ليهنئ في الأخير، أسرة التعليم في الجزائر بمناسبة يوم العلم.
ودعا الوزير في هذا السياق شباب اليوم إلى “الأخذ بتلك القيم السامية والمبادئ النبيلة لخدمة الوطن ورقيه وازدهاره”.
من جهته، أشار الأستاذ عبد الحق بن باديس في كلمته، إلى أنّ هذه الأغراض كانت مسؤولية ثقيلة على أكتافه وسلمها كأمانة للمتحف بعدما حافظ عليها لمدة 70 عاما وأنقذها من الضياع والغبار، حيث كان بعضها بـ “المسجد الأخضر”، ومن ذلك الكرسي الذي استعمله الشيخ طيلة سنين ولم يفارقه إلاّ قبل أسبوع من وفاته أي في 8 أفريل 1940.
وأضاف: “هناك أيضا دفتر الطلبة الذي يضم أسفاره العلمية إلى تونس والقاهرة والإسكندرية والحجاز، أما القشابية و”الزاورة” (البطانية) فكانتا في مطبعته”. وأوضح المتحدث أنه لا يزال يبحث عن أغراض أخرى للشيخ سيدي حامد (العلامة ابن باديس)- مثلما كانت تناديه عائلته- ومن ذلك محفظته التي أهدته إياها تلمسان بعد ختمه تفسير القرآن الكريم، زيادة عن فيلم تسجيلي لجنازة الشيخ، سيهديه للتلفزيون الجزائري كي يبثه. وأنشد الأستاذ عبد الحق بالمناسبة أشعار ابن باديس الوطنية التي كانت تزداد حدة مع السنوات، وبدا في كامل هدوئه ورزانته لا ينسى شاردة ولا واردة.
بدوره، أثنى وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، على مسيرة وأعمال الشيخ بن باديس، داعيا إلى تسليط مزيد من الضوء على هذه الشخصية العلمية والفكرية، فيما قال وزير الاتصال محمد بوسليماني إن “هذا اليوم سيبقى في حياتي حتى آخر يوم فيها”، وعرفت الاحتفالية تدخلات عديدة من الحضور، منهم السيدة زهور ونيسي التي ساهمت في هذه العملية، حيث رجعت إلى ذكريات التعليم بقسنطينة وقالت إنّ مكتبة الشيخ ستكون في “جامع الجزائر”.
أما وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي فاستعرض تعلقه بتراث ابن باديس منذ أن كان طفلا وتحدث عن امتداد تأثير هذا العلامة عبر العالم الإسلامي.
وتدخل كذلك كل من الدكتور عمار طالبي، جامع التراث الفكري للعلامة والبروفيسور قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي ثمن المبادرة الهادفة لتكريم رجال الأمة الجزائرية. أما الأستاذ بزيان فقال إن عديد رسائل الدكتوراه في فرنسا أنجزت عن ابن باديس، فيما حث الدبلوماسي بلقبي على التوجه إلى عائلة سراج العربي مصور ابن باديس للحصول على صوره، علما أنه وعد هو أيضا بتسليم بعض منها.
ب/ص
