ثمّن جهود التعاون بين روسيا والعالم الإسلامي

مبروك زيد الخير يدعو إلى ميثاق عالمي لحماية الشباب وتعزيز التعددية القطبية

مبروك زيد الخير يدعو إلى ميثاق عالمي لحماية الشباب وتعزيز التعددية القطبية

في كلمة حملت مضامين فكرية واستشرافية قوية، دعا الدكتور مبروك زيد الخير، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، إلى ضرورة إبرام ميثاق عالمي مشترك يعزز القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، ويضع الشباب في صلب السياسات التنموية.

جاء ذلك خلال مشاركته في الاجتماع السنوي لمجموعة الرؤية الاستراتيجية “روسيا – العالم الإسلامي”، المنعقد بمدينة قازان، عاصمة جمهورية تتارستان الروسية، تحت شعار: “تجربة روسيا ودول العالم الإسلامي في مجال سياسات الشباب: تحديات مشتركة وجهود مشتركة”. وفي مستهل كلمته، أشار الدكتور زيد الخير إلى أهمية ترسيخ الاحترام والوئام والسلام كقيم جامعة بين الشعوب والثقافات، مؤكدا أن تعددية الأقطاب أصبحت واقعا يفرضه الحراك الدولي، بما يعزز الانتماء الإنساني المشترك، بعيدا عن النزعات القومية الضيقة والتعصب الأعمى. واعتبر أن العالم لم يعد يحتمل استمرار القطبية الأحادية، بل بات بحاجة إلى نموذج عالمي قائم على التعاون والتنوع والحوار الحضاري. وخص رئيس المجلس الإسلامي الأعلى فئة الشباب بتركيز خاص، واصفا إياها بكونها “مصدر التجديد وأمل التحديث”، غير أنه نبه في المقابل إلى أن هذه الفئة تعيش اليوم تناقضات حادة بين قيم الماضي وسرعة تحولات الحاضر، ما يجعلها عرضة للاغتراب النفسي والتمزق الذاتي، لا سيما في ظل التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية بين البلدان. وأوضح المتحدث، أن الشباب يشكلون ما يقارب 70 % من سكان العالم الإسلامي، وهو ما يستدعي صياغة سياسات تعليمية واقتصادية متوازنة، تقلص الفجوة بين التطلعات والواقع، وتمنح هذه الفئة آليات المواجهة والانخراط الإيجابي في الحياة العامة، بعيدا عن العنف والتطرف واليأس من الإصلاح. وحذر الدكتور زيد الخير من مغبة تهميش الشباب، مذكّراً بأن انعدام الأفق أمام الأجيال الصاعدة قد يؤدي إلى الهروب نحو المجهول، والانخراط في مسارات الهجرة غير النظامية التي تنتهي غالبا بالمآسي. كما شدد، على ضرورة وضع استراتيجيات ذكية تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص، وتغرس روح المبادرة والاعتماد على الذات في نفوس الشباب، مشيرا إلى أن المجتمعات التي تتكئ على الشعارات دون سياسات فعلية ستكون عرضة للخسران والتراجع. وفي الشق الاقتصادي، دعا رئيس المجلس الإسلامي الأعلى إلى توسيع مجالات التعاون بين روسيا ودول العالم الإسلامي، في مجالات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي والدفاع، معتبرا أن الشراكات الاستراتيجية القائمة على المصالح المتبادلة، قادرة على تحقيق نهضة متوازنة وشاملة. وفي ختام كلمته، عبر الدكتور مبروك زيد الخير باسم الجزائر عن شكره وتقديره لدولة روسيا الاتحادية على تنظيم هذا اللقاء النوعي، وللرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ما وفره من ظروف ملائمة لإنجاح أشغال هذا الحدث الدولي، الذي يشكل ـ برأيه ـ منصة حقيقية لتعزيز الحوار الحضاري وتطوير الرؤى المشتركة من أجل عالم أكثر عدلا وإنسانية.

محمد بوسلامة