شبابنا يعاني معضلة الجنس في حياته الراهنة، هذا أمر لا مهرب من مجابهته ولا مفر، ويزداد تعقد هذه المعضلة يوماً بعد يوم، في حين لم يعان مجتمعنا في القديم مثل هذه المعضلة، فما السبب يا ترى؟ لقد كان المجتمع الإسلامي يتطلب في تشريعه وتعاليمه من كل شاب بلغ سن الزواج أن يتزوج: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”. ولم يقتصر المجتمع الإسلامي على جانب التوجيه إلى الزواج فحسب بل حقق الجانب العملي لتعاليمه فيه، فبسط كل الأسباب المسهلة له، وخفض من تكاليفه، وأدنى أسباب الزواج حتى جعل من المهر أحياناً خاتماً من حديد “التمس ولو خاتماً من حديد”. وهكذا وفي ظل البساطة واليسر ودنو الأسباب التي اكتنفت الزواج آنذاك ساد الزواج المبكر، بل لم يعرف التأخير في الزواج وكان منافياً لطبيعة المجتمع. وتمكن آنذاك – مع الزواج المبكر – أن يتزوج الكثيرون بأكثر من واحدة دلالة على توفر أسباب الزواج لكل طالب، وإذا أضفنا إلى هذا عقوبة الزنا الصارمة التي أعدها الإسلام للمتبجحين المنحرفين عن طريق العفة، مع تيسير سبل الزواج والعفاف، أدركنا لمَ لمْ يعرف المجتمع الإسلامي في عصوره الكثيرة المعضلة الجنسية التي نعانيها اليوم، فلقد استشعر كل فرد إزاء هذا الجانب استقراراً وطمأنينة، وتوازناً في ميوله ونزعاته، فهو لم يكبت أو يؤجل طويلاً استنفاد الطاقة الجنسية، وإنما كانت تستنفد هذه الطاقة لدى الفرد بصورة طبيعية، فلا تثير قلقاً، ولا تستقطب الاهتمامات.
كما يمنح الزواج المبكر الفتى، حين يصرف اهتمامه عن الجنس كبؤرة للاهتمام، نظرة جدية إلى الحياة، فليس الآن الفتى العابث الذي يذرع الطرقات زائغ النظرات، بل هو الشاب الحارس لركن من أركان مجتمعه يدرك واجبه ومكانه، فيقبل عليه بقوة واهتمام، كما يدرك بطبيعته الجديدة قيمة الأخلاق إدراكاً أكمن بالاستجابة فيسعى إن قيض له التوجيه السامي إلى رفع مستواها في بيئته، وتنمية المثل العليا في أجوائه. أما العوائق التي ترغم الكثيرين على تأخير الزواج فهي العوائق المادية التي تقيمها بيئتنا الاجتماعية، بدافع من تبني بعض التقاليد، في وجه كل زواج وخاصة الزواج المبكر. فهل لهذه التقاليد يا ترى قيمة كبرى حتى تقف في سبيل زواج كل فرد في مطلع شبابه، وتنذره بالترقب والتأجيل وكثيراً من اليأس؟ إن لدى الآباء والأمهات مفتاح الحل فليخرجوا عن هذه التقاليد، وليطوروا نظرتهم إلى هذه القضية، فإذا ما اقتنعوا بتخفيض المهور، وسارعوا إلى تخفيضها، ووقفوا موقفاً حازماً من هذه التقاليد الجاهلية.
من موقع الالوكة الإسلامي