ما هي ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي ؟

  ما هي ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي ؟

لا شَكَّ أن الإسلام دينُ التواصُل بامتياز؛ فقد قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” الحجرات: 13، ومهمة التبليغ التي تقلَّدها النبي صلى الله عليه وسلم تعتمد على التواصُل الإيجابي مع المدعُوين؛ كما قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ” الأحزاب: 45. أما الضوابط الشرعية لتقنين التعامُل مع هذه المواقع فكثيرةٌ، يمكن إجمالُ أهمِّها في اثني عشر ضابطًا:

– النيَّة الحسنة التي تتقصد النفع للغير، وتحقيق مصلحته، لا التشويش عليه، وإهدار أوقاته؛ قال تعالى: ” لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ” النساء: 114، فلا بُدَّ أن تُصاحِبَ التواصُلَ الغايةُ النبيلةُ، والنيَّةُ الطيِّبةُ، والوسيلةُ النظيفةُ، أما أن يكون القصد مجرد الثرثرة الفارغة، وضياع الأوقات الثمينة، واستفزاز الآخرين بالألفاظ الشائنة، وتتبُّع العَورات المصونة؛ فذلك ممَّا يستقبحه شرعُنا.

– ألَّا تكون هذه المواقع سببًا في الإشغال عمَّا هو أهمُّ؛ كالعبادات، ورعاية الأبناء، وطاعة الأبوَينِ، وطلب العلم النافع، وصِلة الأرحام، وغيرها، فقد صرنا نرى بعض الأُسَرِ قد انْزَوى أفرادُها في الغُرَف، كلٌّ مُنْشَغِلٌ بهاتفه، أو بلوحته، أو بحاسوبه، لا الآباء يجدون وقتًا لتوجيه أبنائهم، ولا الأبناءُ يجدون وقتًا للاستماع لآبائهم، كلٌّ يعيش عالمه، ويُكلِّم نفسَه، ويُناجي آلتَه.

– ومن أعظم الضوابط لاستعمال هذه البرامج التثبُّت من نَقْل الأخبار بقراءتها أولًا، ثم التأكُّد من صحَّتها، وصحة نسبتها لقائلها؛ حتى لا نُروِّج للأكاذيب، ولا ننشُر الأراجيفَ، ولا نكون سببًا في نَشْر الهَلَع والخوف بين الناس، بسبب خبرٍ زائفٍ، أو تحذيرٍ كاذبٍ؛ قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ” الحجرات: 6.

– ترشيد الوقت، والحذر من الانغماس وراء تتبُّع الصفحات التي تُفضِي بالمستعمل إلى صفحات أخرى، وهذه تُحيلُه على موضوعات أخرى، وهذه تُبحِر به في عوالم أخرى، فيجد الساعات ذوات العدد قد انفلتَتْ منه وهو لا يدري، حتى وجدنا من الشباب من يستمر في قضاء ست ساعات متواليات خلف شاشة الهاتف، وقد ينام وهاتفُه بين يديه، كما لُوحِظَ أن وقت تجاذُب الحديث مع أفراد الأسرة نقص بنسبة 50%، وأن 65%.

– الحذر من الآثار الصحيَّة السلبية على المستعمل؛ حيث خلَصت الدراسات في هذا الشأن إلى أن الاستخدام المفرِط لمواقع التواصُل الاجتماعي، قد يضع الشخص تحت ضغط وتوتُّر زائدين، ليُصبِح بذلك أكثرَ عُرْضةً للإصابة بنوبات الاكتئاب والقَلَق. كما أشار أحد الأطباء المختصِّين إلى أن تعدُّد منصَّات التواصُل الاجتماعي، يُؤثِّر سَلْبًا على القُدرات العقلية والصِّحَّة النفسية والمعرفية للشخص.

– أما إفراط الأطفال في استعمال هذه المواقع في سِنٍّ مبكرةٍ، فيُعرِّضهم للإصابة ببعض حالات التوحُّد، والعُزْلة، والاكتئاب، والإحباط، واضطراب النوم، وضَعف الجهاز المناعي، والعادات السيئة في النظام الغذائي، فضلًا عن اكتساب عادات سيئة؛ كالكسل، والسِّمنة، وضَعف الإقبال على ممارسة الرياضة، والابتعاد عن التواصُل الحقيقي للمجتمع، وحتى عن باقي أفراد الأسرة.