ما هي صور التبتل المشروع؟

ما هي صور التبتل المشروع؟

 

التبتل منه ما هو مشروع، ومنه ما هو ممنوع؛ فالمشروع هو ما جاءت نصوصُ الكتاب والسنَّة بالأمر به، والحث عليه، والترغيب فيه، ولذلك صور عدة، منها:

أولاً: تحقيق التوحيد، ونفي الشريك: قال تعالى “وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ” النحل: 36 ؛ أي: اعبدوا الله وحده لا شريك له، واجتنبوا الطاغوت بجميع صوره وأشكاله. قال ابن عاشور: “ومن أكبر التبتل إلى الله: الانقطاعُ عن الإشراك، وهو معنى الحَنِيفيَّة؛ ولذلك عقَّب قوله: ” وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ” بقوله: ” رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ”.

ثانيًا: الإخلاص في العبادة: قال تعالى “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ” البينة: 5؛ أي: قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وَجْهَ الله، وطلب الزُّلْفى لديه، ” حُنَفَاءَ ” أي: معرضين  عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ” وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ” قال: أخلِصْ له إخلاصًا.

ثالثًا: الإخلاص في الدعاء: قال مجاهد رحمه الله في قوله تعالى” وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ” المزمل: 8 قال: أخلِصْ إليه المسألةَ والدعاء. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما “إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعنْ باللهِ”.

رابعًا: الإخلاص في الدعوة: قال قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى ” وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ” قال: أخلص له العبادة والدعوة. فالدعوة تكون خالصة لوجه الله؛ قال تعالى” قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ” يوسف: 108، وقال تعالى” وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ” فصلت: 33.

خامسًا: تفرغ القلب للعبادة: قال ابن وهب رحمه الله في قوله تعالى” وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ” قال: تفرَّغ لعبادته، فحبذا التبتل إلى الله، وقرأ قول الله تعالى ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ” الشرح: 7، قال: إذا فرغت من الجهاد، فانصَبْ في عبادة الله، وإلى ربِّك فارغَبْ.