قال تعالى “مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا” سورة النساء 85. الإسلام دين الدنيا والآخرة، من يعتصم به يكن من الفالحين في الدارين، جعل الإسلام قضاء حوائج الناس، ومواساتهم، وإدخال السرور عليهم من أفضل الأعمال، قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشفاعة الحسنة هي الإصلاح بين الناس، والشفاعة السيئة هي المشي بالنميمة بين الناس، ومقصود الآية هو والترغيب في التوسط في الخير والترهيب من ضده، ومفاد الآية أن أي حركة للإنسان يسعى فيها للخير يكن له أجر وثواب من سعيه، وإن كان هذا السعي في الشر يكن له وزر يتحمله ويحاسب عليه.
وفي الحديث الذي حسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً”. والذي يمشي مع أخيه في أمر من أمور الخير يحبه رسول الله صلى الله عبيه وسلم وهذا الذي يشفع شفاعة حسنة، وهذا من باب قوله تعالى “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى”. والذي يسعى مع أخيه في الشر بأي نوع من أنواعه، أو صورة من صوره ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا”
ونبهنا القرآن الكريم أن كل كثير من كلامنا ما فيه خير إلا من داع إلى الخير فقال تعالى “لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس” وكلمة معروف نكرة تفيد العموم فكما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ” كل معروف صدقة “، ومن الشفاعة الحسنة الصلح بين المتخاصمين، وفض النزاع، وتقريب وجهات النظر، ويقول الزمخشري في “حقائق التنزيل”: الشفاعة الحسنة هي التي روعي بها حق مسلم، ودفع بها عنه شر، وابتغي بها وجه الله، ولم تؤخذ عليها رشوة، وكانت في أمر جائز، وليست في حد من حدود الله ولا في حق من الحقوق، ولكل منها نصيب من الأجر، بقدر ما فيه من طاعة أو معصية. بعد هذه الوقفة المختصرة مع الشفاعة بين الناس، يحرص المسلم على المبادرة لتقديم العون لأخيه المسلم مبتغيا في ذلك رضا الله.