ما هي الأمور المُعِينة على التوبة ؟

   ما هي الأمور المُعِينة على التوبة ؟

 

– الإخلاصُ لله في طَلَبِ التوبة: فمَنْ أخْلَصَ وصَدَقَ في طلب التوبة؛ أعانه اللهُ عليها، ووَفَّقَه إليها، وأمدَّه بألطافٍ لا تخطر بالبال، وصَرَفَ عنه الآفات التي تعترض طريقَه، وتَصُدُّه عن التوبة. قال تعالى ” كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ” يوسف: 24. قال ابن القيم رحمه الله “أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ صَرَفَ عَنْ يوسفَ السُّوءَ مِنَ الْعِشْقِ، وَالْفَحْشَاءَ مِنَ الْفِعْلِ بِإِخْلَاصِهِ.

– امتلاءُ القلبِ من مَحبَّةِ الله: فمحبة الله تعالى هي أعظم مُحرِّكات القلوب؛ فهي الباعِثُ الأوَّل لِمَا يفعله المرءُ وما يتركه. قال ابن القيم رحمه الله عن محبة الله تعالى “وهي من أقوى الأسباب في الصَّبر عن مُخالفَتِه ومَعاصيه؛ فإنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيع، وكُلَّمَا قَوِيَ سُلطانُ المحبة في القلب كان اقتضاؤه للطاعة وتركِ المُخالفة أقوى، وإنما تَصْدُرُ المعصيةُ والمُخالَفةُ من ضَعْفِ المحبة وسلطانها.

– المُجاهدة: قال تعالى “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ” العنكبوت: 69. فالمجاهدة عظيمةُ النَّفْع، فإذا وطَّنَ نَفْسَه على المجاهدة أقبلت عليه الخيرات، وانهالت عليه البركات. قال ابن الجوزي رحمه الله “وفي قُوَّةِ قهرِ الهوى لَذَّةٌ تَزِيدُ على كُلِّ لذَّة، ألا ترى إلى كلِّ مَغْلوبٍ بالهوى كيف يكون ذليلًا؛ لأنه قُهِر، بخلاف غالِبِ الهوى، فإنه يكون قَوِيَّ القلب عزيزًا؛ لأنه قَهَر”.

– قِصَرُ الأمَلِ وتَذَكُّر الآخرة : فإذا تذَكَّر المُسلِمُ قِصَرَ الدنيا، وسُرعةَ زوالها، وأدرك أنها مزرعةٌ للآخرة، وتذكَّر ما في الجنة من النَّعيم المُقيم، وما في النار من العذاب الأليم؛ أقْصَرَ من الاسترسال في الشهوات، وأقبَلَ على التوبة النصوح، وتدارَكَ ما فاته من الأعمال الصالحة. فليس للمرء أنفَعُ من قِصَر الأمل، ولا أضَرُّ من التَّسويفِ وطولِ الأمل.

– العلم:  فالعلم نورٌ يُستضاء به، والعلم يَشْغَل صاحبَه بكل خير، ويُشْغله عن كل شر؛ فإذا فُقِد العلمُ فُقِدَت البصيرة، وحلَّ الجهل، واختَلَّ ميزان الفضيلةِ والرَّذيلةِ لدى الإنسان، فلم يعد يُفَرِّقُ بين ما يَضُرُّه وما ينفعه، فيُصْبِح عبداً للشهوة، أسيراً للهوى. ومن العلم: العلمُ بعاقبة المعاصي، وقُبْحِها، ورَذالَتِها، ودناءَتِها، وأنَّ اللهَ سبحانه حَرَّمَها. والعلمُ أيضاً بفضل التوبة والرجوع إلى الله تعالى.

– اجْتِناب الوِحدةِ والفراغ : الفراغ من الأسباب المباشرة للانحراف، وضياعِ الأوقات، وتدهورِ الأخلاق، قال ابن القيم رحمه الله “ومن أعظم الأشياء ضرراً على العبد بَطالَتُه وفَراغُه؛ فإنَّ النفس لا تقعد فارِغة، بل إنْ لم يشغَلْها بما ينفعها شغَلَته بما يَضُرُّه ولا بد”.

– مُصاحبَةُ الأخيار: فهي تُحْيي القلب، وتشرح الصدر، وتُنير الفِكر، وتُعين على الطاعة؛ فجليس الخير يَنْصح لك، ويُبَصِّرك بعيوبك، ويدلك على الخير.

– استحضارُ أضرارِ الذنوبِ والمعاصي: في الدنيا والآخرة؛ فمن أضرارها: حِرمانُ العلمِ والرِّزق، والوحشةُ التي يجدها العاصي في قلبه، ومنها تعسير الأمور، وسواد الوجه، ووَهَنُ البدن، وحِرمانُ الطاعة، وتقصير العمر، ومَحْقُ البركة.

– الدعاء: فهو من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يُدافعه، ويُعالجه، ويمنع نزولَه، ويرفعه، أو يُخَفِّفه إذا نزل؛ قال الله تعالى ” ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ” غافر: 60. ومن أعظم ما يُسأل، ويُدعى به: سؤال الله التوبة؛ بأنْ يدعو المُذنِبُ ربَّه أنْ يَمُنَّ عليه بالتوبة النَّصوح.