السفر يمدح من جهة ويذم من أخرى؛ فيمدح لما فيه من الخروج من الملل والسآمة والضيق والكآبة؛ للتأمل في خلق الله تعالى، أو طلب علم نافع، أو صلة قريب أو أخ في الله؛ والسفر مذموم؛ لأنه يجلب المشاق والمتاعب، والقلب مشوشاً والفكر مشغولاً؛ لأجل فراق الأهل والأحباب، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ” رواه البخاري ومسلم. فكان لزاماً على المسلم أن يتأدب بآداب السفر. ومن أعظمها:
– أن يستحضر النية الصالحة في سفره؛ لكي يؤجر في تعبه ونفقته، ويُكتب له من الأجر ما كان يعمله قبل سفره؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا” رواه البخاري. وقال أيضاً: “إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا” رواه البخاري ومسلم.
– عدم السفر لأجل معصية الله تعالى، فمثل هذا غير مأجور في نفقته وتعبه، وذهب جماعة من أهل العلم بأن المسافر لأجل المعصية لا يترخص بالفطر والقصر ونحو ذلك مما يُباح للمسافر.
– الاستخارة، وهي من أسباب توفيق الله تعالى للعبد، ومعناها: طلب الخير ممن بيده مفاتيح الخير سبحانه. وكذلك الاستشارة، وفائدتها أنها تختصر للمسافر أموراً كثيرة قد يُعاني منها لو وقع فيها.
– تسديد الديون الحالة وتأمين النفقة لمن تلزمك نفقته، والتخلص من مظالم الخلق، ومن الآداب: استئذان الوالدين؛ لأن رضاهما يجلب البركة، وسخطهما يوجب الخسارة، وفي ذلك تطييب لخاطرهما، وكذا استئذان المرأة من زوجها؛ بشرط أن تُسافر مع محرم لها.
– الوصية، فتكون أوكد في السفر الذي هو مظنة التعرض للمخاطر والحوادث ونحوها، عافانا الله وإياكم من كل مكروه.
– الاستخلاف، فينبغي للمسافر أن يستخلف على أهل بيته مَنْ يقوم على أمورهم وقضاء حوائجهم.