لا تيأس من هداية أحد ولو كان مكثرًا مسرفًا على نفسه من الذنوب والمعاصي، فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري وسلم رحمهما الله، أن رجلًا قتل مائة نفس، ثم تاب وأناب. فأبذل ما تستطيع من جهد ومال وقت في دعوة من تحب، مع الدعاء والتضرع إلى الله بطلب هدايتهم، فإن اهتدوا فالحمد لله، وإن لم يهتدوا فاعلم أن الله جل جلاله هو الذي يهدي، قال سبحانه وتعالى: ” إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” القصص: 56. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: الإنسان إذا جدَّ واجتهد في دعوة الناس إلى الهدى، فلم يهتدوا، فإن عليه أن يتلو هذه الآية: ” إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ “. من هنا كانت حاجتنا إلى هداية الناس من حاجتنا إلى هدايتنا أنفسنا أولاً، والمسلم ما كان مستطيعًا للدعوة إلى الله تعالى أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة للناس. قام أبو بكر رضِي الله عنه في الناس، فحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال: “يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ” المائدة: 105، وإنَّا سمعنا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: “إن الناس إذا رأَوُا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقاب”، وفي رواية: “وإني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: “ما من قومٍ يُعمَل فيهم بالمعاصي، ثم يَقدِرون على أن يغيِّروا ثم لا يغيِّروا، إلا يُوشِك أن يَعُمَّهم الله منه بعقاب”؛ أخرجه أحمد وصحَّحه الألباني . ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم ” مثَل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثَل قومٍ استَهمُوا على سفينةٍ، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا؟ فإن يتركوهم وما أرادوا هلَكُوا جميعًا، وإنْ أخَذُوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا “. رواه البخاري.
من موقع وزارة الشؤون الدينية