إن من الأعمال الصالحة التي أمر الشارع بها، ورتب على ذلك الثواب العظيم عيادة المريض، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب رضي اللهُ عنه قال: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِسَبْعٍ: “أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ”. وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي موسى رضي اللهُ عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم “أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِي”. وعيادة المريض من حقوق المسلم على أخيه المسلم، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: “حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ”: قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ “إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ”. وبيَّن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أن عيادة المسلم لأخيه المريض طريق إلى الجنة، روى مسلم في صحيحه من حديث ثوبان أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال “إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: “جَنَاهَا”. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله “أي أنه يجني من ثمار الجنة مدة دوامه جالساً عند هذا المريض”. وعيادة المريض من الطاعات المرغب فيها، العظيمة الأجر، وقد جاء فيها هذا الحديث وغيره، وقد يكون من فروض الكفاية لا سيما المريض من الغرباء، ومن لا قائم عليهم ولا كافل لهم، فلو تُرِكَت عيادتهم لهلكوا، وماتوا ضراً، وعطشاً وجوعاً، فعيادتهم تطلع على أحوالهم ويتذرع بها إلى معونتهم وإعانتهم، وهي كإغاثة الملهوف، وإنجاء الهالك، وتخليص الغريق، ومن حضرها لزمته، فمتى لم يُعَادُوا لم يعلم حالهم في ذلك. ويُستحب للعائد أن يدعو للمريض بالرحمة والمغفرة، والتطهير من الذنوب، والسلامة والعافية
موقع إسلام أون لاين