الإنسان بطبيعته التي خلَقَه الله عليها يَمِيل إلى ما يُوافق هواه، وكثيرًا ما يُخْطِئ في حقِّ الله تبارك وتعالى إمَّا بالتقصير في طاعته سبحانه، وإمَّا بفِعْل ما نَهى الله عنه. ومن رَحْمة الله تعالى وفضْلِه أنْ جعل للمُذْنِب بابًا مفتوحًا، وهو باب الاستغفار والتَّوبة إلى الله تعالى. وكما نعلم جميعًا أنَّه لا معصومَ مِن الْخَطأ غيْرُ أنبياء الله ورسُلِه؛ كما في الحديث الذي أخرجه ابنُ ماجه وحسَّنه الألبانِيُّ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم “كلُّ بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون”، فكل الناس يُخْطِئون ما عدا أنبياء الله ورسله عليهم الصَّلاة والسَّلام جميعًا فالإنسان لا بُدَّ له من أن يقع في الذَّنب، ولكن ما الحلُّ لذلك؟ وماذا يصنع؟. عليه أن يتوب ويَؤُوب، ويستغفر الربَّ المعبود، فالذُّنوب داء، وعلاجُها: التَّوبة والاستِغفار، قال ابن رجب رحمه الله “وبالْجُملة فدَواء الذُّنوب الاستغفار… قال قتادة: إنَّ هذا القرآن يدلُّكم على دائكم ودوائكم؛ فأمَّا داؤكم فالذُّنوب، وأمَّا دواؤكم فالاستغفار”، وقال بعضهم: “إنَّما معول الْمُذنبين البكاء والاستغفار، فمن أهَمَّتْه ذنوبه أكثر لَها من الاستغفار، ولذلك مِن فضل الله على عباده أنَّه جعل باب التوبة مفتوحًا إلى يوم القيامة، ولَم يُغْلِقه على أحدٍ مهما كان ذنبه؛ ولذلك يَحُثُّنا تبارك وتعالى على الاستغفار، ويُرَغِّبنا فيه، فقال تبارك وتعالى “وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” البقرة: 199، وقال ” وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ” هود: 3. ومدَحَ الله تبارك وتعالى المستغفرين، وأثْنَى عليهم، فقال تعالى ” وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ” آل عمران: 17، وقال ” وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ ” آل عمران: 135. ووعد سبحانه عباده المستغفرين بالمغفرة؛ فقال تعالى ” وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا ” النساء: 110، وغير ذلك من الآيات التي يحثُّنا فيها تبارك وتعالى على الاستغفار، وجاءت السُّنة الصحيحة أيضًا بالحثِّ على الاستغفار؛ والترغيب فيه؛ والتذكُّر بشأنه في أحاديثَ كثيرةٍ، ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم “والَّذي نفسي بيده، لو لَم تُذْنِبوا فتستغفروا لذَهَب الله بكم، ولَجاء بقومٍ يُذْنِبون فيستغفرون الله، فيغفر الله لَهم”.
موقع إسلام أون لاين