ما هو المقصود الشرعي للنكاح ؟

  ما هو المقصود الشرعي للنكاح ؟

إن النكاح يلبي مقاصد عظيمة في مسيرة إعمار الأرض على مراد الله بما يجعل الحياة لها معانيها السامية والنبيلة، فكل من يقدم على هذا مشارك في عبودية العمارة والبناء وتحقيق مقاصد الشرع على الأرض. وإذا أردنا أن نتطرق إلى أوجه مقاصد التشريع في النكاح وما يتعلق به من منافع وأهداف فيمكن إجمالًا وضعها في المرتكزات التالية:

أولًا: النكاح عبودية لله وتنفيذ لأمره تبارك وتعالى حيث قال في محكم التنزيل: ” وانكحوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ” النور: 32، قال ابن عباس: “أمر الله سبحانه بالنكاح، ورغَّبهم فيه، وأمرهم أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: “إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”.

ثانيًا: الشهوة من الغرائز التي ركبت في الإنسان وقد جعل الله لتلبية الغريزة قناتين قناة حلال وبها تشبع وتهدأ وتحقق الصلاح والفلاح عن طريق النكاح الشرعي، وقناة محرمة لا تشبع فيها الغريزة ولا تهدأ عن الفساد والإفساد وهي الزنا وطرقه، من هنا النكاح تلبية للفطرة السليمة ليستقيم حالها ويزيد صلاحها قال تعالى: “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ ” آل عمران: 14.

ثالثًا: النكاح سنة من سنن المرسلين: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ” الرعد: 38، قال القرطبي: “هذه الآية تدل على الترغيب في النكاح والحض عليه، وتنهى عن التبتل، وهو ترك النكاح، وهذه سنة المرسلين كما نصت عليه هذه الآية”.

رابعا: تحقق السكن النفسي مقصد في النكاح قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” الروم: 21، لقد هدف الإسلام من وراء الزواج حصول السكن النفسي للفرد. وبهذه الأركان الثلاثة الواردة في الآية “السكن، والمودة والرحمة ” تتحقق السعادة الزوجية التي أرادها الإسلام.

خامسًا: الثواب المتعلق بالنكاح له استمرار حتى لما بعد الموت فعن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ” رواه مسلم.