الواجب على كل مسلم أن يكون في أحواله كلها معتصمًا بربه جل وعلا، متوكلًا عليه، معتقدًا أن الأمور كلها بيده؛ قال تعالى: ” مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ” التغابن: 11، فالأمور كلها بيد الله وطوع تدبيره وتسخيره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا عاصم إلا الله؛ قال تعالى: ” قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ” الأحزاب: 17، وقال تعالى ” قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ” الزمر: 38، وقال تعالى ” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ” فاطر: 2، وفي الحديث: ” واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف”، وفي الحديث: ” كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة”، وفي الحديث: ” إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة “.
إن المصائب التي تصيب المسلم سواء في صحته، أو في أهله وولده، أو في ماله وتجارته، أو نحو ذلك إن تلقاها بالصبر والاحتساب، فإنها تكون له رفعة عند الله جل وعلا؛ قال الله تعالى: ” وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ” البقرة: 155 – 157، فالله تبارك وتعالى يبتلي عبده؛ ليسمع شكواه وتضرعه ودعاءه، وصبره ورضاه بما قضاه عليه، ويجب على أهل الإيمان ملاحظة عجز البشر بدولهم وأطبائهم ومختبراتهم، وعلاجاتهم وإمكانياتهم عن محاصرة فيروس صغير ضعيف يتنقل بين الدول، ويشل الاقتصاد، ويغلق الحدود، ويفتك بالناس؛ لنعلم أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الناس مهما بلغت قوتهم وعلومهم، فلن يقدروا على جندي واحد من جنده سبحانه وتعالى: ” وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ” المدثر: 31، فلنعلق قلوبنا به عز وجل؛ إيمانًا به، ويقينًا بقدرته، وتوكلًا عليه، وتضرعًا إليه؛ فلا يدفع الضر سواه، ولا يرفع الوباء غيره سبحانه، ونسأله تعالى العفو والعافية والمعافاة الدائمة لنا ولجميع المسلمين، إنه سميع مجيب.