أثار الفيلم الروائي الطويل “بابيشا” (إنتاج جزائري-فرنسي-بلجيكي) لمخرجته مونيا مدور، ضجة كبيرة بعد منع عرضه في الجزائر وقبوله في ترشيحات القائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم أجنبي 2020.
و”بابيشا”، التي تحمل عنوان العمل، هو مصطلح في اللهجة المحلية الجزائرية يقصد بها الفتاة الجميلة، لكن في بعض البلاد تعتبر هذه الكلمة مخلة بالآداب. وأرجع المركز الجزائري لتطوير السينما سبب إلغاء العرض أنه خارج عن نطاق سيطرته.
وقال منتج الفيلم مصطفى حجاج في تصريحات سابقة لوسائل إعلام فرنسية إنه اضطر إلى “تأجيل” العرض الافتتاحي وموعد طرح الفيلم بعد اتصال هاتفي من وزارة الثقافة.
وأضاف حجاج “بالرغم من حظر الفيلم في الجزائر، أخلّت الأكاديمية بقواعدها لتسمح لـ”بابيشا” بالمشاركة في السباق الأوسكار”. واختير “بابيشا” من قبل لجنة مختصة بوزارة الثقافة ليمثل الجزائر في ترشيحات أوسكار أفضل فيلم أجنبي.
وتقتضي قوانين أكاديمية الأوسكار وفق المادة (30 أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة) أن يتم عرض الفيلم في بلده الأصلي، والقيام بعروض تجارية لمدة لا تقلّ عن أسبوع.
وفي ظل هذا الجدل القائم بدأ في الـ9 أكتوبر عرض فيلم “بابيشا” بقاعات السينما الفرنسية، حسب ما أعلنه طاقم العمل على صفحته الرسمية على انستغرام.
وقال فيصل شيباني الصحفي المختص في الشأن السينمائي إنّه “لحد الآن لا نعلم هل الفيلم منع من العرض أم تم تأجيله؟”.
وأضاف شيباني: “في وقت ظهرت بعض التسريبات تقول إن الفيلم منع لأسباب سياسية لأن طاقم الفيلم رفع شعار مواصلة الحراك الشعبي “يتنحاو قاع”، ولكن لا شيء مؤكد لحد الآن بخصوص هذا الكلام”. وأشار شيباني بشأن ترشيح العمل إلى الأوسكار إلى أن قواعد المسابقة المرموقة واضحة ومعروفة. وأوضح أنّ “الأكاديمية تشترط أن يعرض الفيلم تجاريا داخل بلده أولا حتى يتم قبوله”.
وتساءل المتحدث: “هنا نطرح السؤال لماذا رشحته وزارة الثقافة وهل تجهل لجنة ترشيح الفيلم الجزائري القواعد الأساسية لمسابقة الأوسكار؟”.
وأضاف أن “مشاركة الأفلام الجزائرية أصبحت شكلية فقط بحكم أنها لا تصل الى القائمة القصيرة، كما أن فيلم “بابيشة” وبالنظر لقيمته الفنية لا يمكن التعويل عليه.
وتسبب إلغاء “بابيشا” في ضجة على مواقع التواصل الإجتماعي وتعددت ردود أفعال النشطاء بين رافض ومتسائل عن السبب.
وكتب الصحفي محمد علال على صفحته بفايسبوك: “مصدر رسمي أكد لي أن السلطة قررت معاقبة فريق فيلم (بابيشا) بمنع عرضه في الجزائر بسبب رفع المخرجة والممثلين شعار “يتناحو قاع” ومطلب “جمهورية ثانية”، فوق البساط الأحمر لمهرجان كان”. وأضاف: “للأسف الدولة عندما أرادت التعبير عن غضبها، قررت معاقبة الفيلم والجمهور”.
وغرّدت الكاتبة الجزائرية فايزة مصطفى، في تدوينة على فايسبوك قائلة: “يتجول فريق فيلم “بابيشا” في دول العالم ناقلا صوت الحراك وصوت التحرر، وهذا سلوك في منتهى الحضارة والوعي الذي يجب أن يتوفر في الفنان”.
وأردفت: “لكن، أليست الأولوية هو النضال في سبيل أن يصل الفيلم إلى الجمهور الجزائري؟ ألم يكن الأجدى والأهم لفريق العمل أن يتنقل إلى البلد ويطالب بعرض العمل وسيجد بالتأكيد من يدعمه بقوة؟!”. وختمت بالقول: “الفيلم هو عمل فني موجه للجمهور لمشاهدته وليس مجرد فكرة أو مشروع يمكن التعبير عنه في أي منبر”.
وتدور قصة الفيلم في تسعينيات القرن الماضي بالجزائر حول فتاة تدعى نجمة (18 عاما)، لديها شغف بتصميم الأزياء والموضة، كما أنها تتميز بنظرة إيجابية للحياة، إذ أنها لم تترك الأحداث المأساوية التي تشهدها بلدها (العشرية السوداء) تؤثر عليها.
وتعيش نجمة حياة طبيعية وتواجه ضغوطا من قبل المتطرفين الذين يريدون فرض قوانين مجحفة على النساء كمنع اللباس العصري والسهر، فتحارب من أجل تحقيق استقلالها الشخصي وتنشغل بتنظيم عروض الأزياء.
وتوج “بابيشا” بأكثر من جائزة في مهرجان “انغوليم للفيلم الفرانكوفوني” بفرنسا، وحصل على جائزة أفضل فيلم بمهرجان الجونة السينمائي بمصر، وعرض في فئة “نظرة ما” بالدورة الأخيرة لمهرجان “كان” السينمائي.
يشار إلى أنّ أكاديمية الأوسكار ستنشر لائحة قصيرة للأفلام المرشحة لأفضل فيلم أجنبي في ديسمبر.
ب/ص