اختتمت، السبت، الطبعة الـ 21 من الصالون الدولي للكتاب “سيلا” التي تميزت عن سابقاتها بالمزيد من الدول والعديد من الكتاب وخاصة المزيد من الرقابة والصرامة في التسيير.
“الموعد اليومي” تابعت الحدث على امتداد أيامه العشرة، وكان لها حسب ما لاحظته من أحداث وعايشته من أجواء، بالإضافة إلى ما التمسته من مختلف الشخصيات الحاضرة وحتى الجمهور المقبل عليه، تقييما لهذا الحدث الفكري العظيم.
لقد حملت هذه الطبعة من الإيجابيات ما يستدعي الثناء عليها، فطبعة بـ 968 عارضا من 50 دولة تستحق التقدير، وبالأخص مع الحرص الشديد من المتابعة الميدانية اليومية للمسؤولين المباشرين لا سيما وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، الذي كان انتقاله لقاعات العرض بعدد أيام المعرض، يتفقد ويلاحظ ويناقش، كما اهتم بالمعرض وزراء القطاعات الأخرى على غرار وزير الشؤون الدينية، محمد عيسى، وزيرة التربية، نورية بن غبريط.. ومسؤولين سابقين على غرار محي الدين عميمور، نادية العبيدي.. كما ميز السيلا حضور كتاب بارزين على غرار أمين الزاوي، الذي أهدى قراءه هذه السنة عناوين جديدة، أحلام مستغانمي التي صنعت الحدث بحضورها، حيث وصفها وزير الثقافة بـ “الأيقونة الأدبية”، وغيرهما من الأدباء.

20 سنة خبرة مغيبة في التنظيم
من جهة أخرى، تضمنت الطبعة بعض النقائص التنظيمية التي يعد حدوثها طبيعيا لولا أن هذه التظاهرة تنظم للمرة الـ21، حيث أن الـ 20 سنة من الخبرة في هذه التظاهرة لم تتجل بعد في التنظيم، وما زال المواطنون المقبلون على المعرض ضائعين بين جناحين ملتصقين بل بين طرفي الجناح الواحد المتباعدين، بل إن الكثير من المقبلين على المعرض لم يزوروا سوى المبنى الرئيسي ولم يزوروا المبنى السفلي كونهم يعتقدون أن كل أجنحة العرض داخل المبنى الرئيسي، ومما أدى إلى هذه النتيجة، غياب أعوان التوجيه تماما عن محيط المعرض، حيث تم تركيزهم تقريبا بشكل كلي على مستوى مداخل الأجنحة، وهذا أمر متفهم بالنظر إلى الحجم الهائل من الزوار المتوافدين على الأجنحة في كل لحظة ولآخر ساعة من العرض.
الأقسام المخصصة للعرض كانت – حسب ما تم ملاحظته- أصغر من السنة الماضية ما عدا بعض دور النشر الكبرى التي حافظت على الساحة نفسها، على غرار دار القصبة..
و”هاشيت” الفرنسية على سبيل المثال، مع الإشارة إلى عشوائية الترقيم في بعض الأحيان، فمثلا قد تقف أمام الـ ب 04 ثم تجد نفسك ليس بعيدا أمام الـ ب 150.
كتب مسيحية تفلت من الرقابة
وإن شُددت الرقابة من طرف كل المسؤولين المعنيين بالتنظيم على مستوى معرض الكتاب على مراقبة الكتب المقترحة على القارئ الجزائري، ومنعهم الكتب الدينية والعقائدية والإيديولوجية المغلوطة أو التحريضية، خاصة مع ما تعانيه الجزائر من بروز بعض النحل الدينية المخالفة للشرع غالبا والغريبة عن المجتمع تماما كالفرقة الأحمدية وبعض الجماعات الداعية للتنصير خفية، أو حتى إلى منهج مخالف للمذهب غير أن العديد من دور النشر العربية قامت بعرض كتب ودراسات حول بعض الأناجيل ـ “إنجيل القديس برنبا”.. وغيرهم، وإن افترض أن هذه الكتب موجهة لمستوى معين من المعرفة والثقافة كالباحثين والمتخصصين مثلا، فهل بإمكان صاحب دار النشر إدراك ذلك وهل سيمتنع عن بيع الكتاب حينها؟
دور نشر جاهلة بثقافة التخفيض
رغم ثناء محافظ الصالون، حميدو معودي على التخفيض الذي بادرت إليه مختلف دور النشر تراوح بين نسبة 20 و50 بالمائة، وعمل معظم الناشرين وخاصة العرب، غير أن العديد من دور النشر الجزائرية رفضت التخفيض وأبقت على نفس السعر رغم تواجد نفس تلك العناوين بطبعة أفضل وسعر أقل، ولكن يبدو أن بعض الناشرين لا يهتمون بارتفاع مستوى القراءة والارتقاء بالفرد والمجتمع ثقافيا وفكريا.
غياب تام للإتصال
مع الافتقاد شبه التام لعوامل التوجيه كالأعوان واللائحات ورفض أصحاب دور النشر الحديث إلى الصحافيين ومنعهم من محاورتهم بحجة التعب أو بحجة “التحدث في السنوات الماضية دون جدوى، ومغادرة بعضهم الصالون قبل تاريخ انتهائه”، وانعدام الخدمات التكنولوجية العصرية كالـ “ويفي”، لدرجة أن حتى مركز الصحافة لم يتم تزويده بالأنترنت، فكل هذا دليل على وجود نقص في الإتصال على مستوى التظاهرة،
وفي انتظار الطبعة المقبلة التي أعلن محافظ المعرض، مسعودي، عن انطلاقها في 25 أكتوبر من السنة المقبلة، يبقى أمل في تحسن المعرض وارتقائه إلى المستوى المرغوب.