يجمع أطباء ومختصون على أن فقدان حاستي الذوق والشم، يُعد من أعراض الإصابة بفيروس كورونا بما يعني أن المريض ينقل العدوى لغيره حتى لو كان العارض خفيفا، غير أن العديد من الأشخاص يستخفون به ولا يراجعون الطبيب، كما يخفون الأمر عن الأفراد الذين يحتكون بهم، مما يؤدي إلى انتشار الفيروس ونقل العدوى.
أصبح الإحساس بفقدان حاستي الذوق والشم مؤشرا على الإصابة بفيروس كورونا إلى أن تثبت التحاليل والكشف الصحي عكس ذلك، خاصة أن فقدان الذوق جزئيا أو كليا يمكن أن يكون له علاقة باضطراب في وظائف الجهاز التنفسي خصوصا عند كبار السن وأساسا الذين كانوا يدمنون على التدخين، أو الأشخاص الذين يعانون من نمو غير صحي في تجاويف الأنف أو المسنين المصابين بالخرف، الزهايمر أو الرعاش، كما أن تناول بعض الأدوية قد يؤثر على حاسة التذوق.
أما اضطرابات الشم، فتنجم 90 بالمائة منها عن إصابات على مستوى جهاز الأنف والأذن والحنجرة، بينما تنتج 10 بالمائة منها عن الأمراض الأخرى التي تصيب الشخص، حيث أن الثلث العلوي من الأنف يؤدي وظيفة الشم وتتميز خلاياه بأنها عصبية، وإذا أتلفت بسبب مرض ما فإنها تعود لتتشكل ثانية بطريقة تلقائية.
الاستخفاف وعدم الاكتراث
ورغم كل التحذيرات التي أطلقها المختصون بأن فقدان حاستي الذوق والشم، يُعد من أعراض كورونا التي تستلزم الكشف عند الطبيب والخضوع للحجر، إلا أن العديد من الحالات التي تحدثنا إليها تعتبر أن الأمر عادي ولا يستدعي مراجعة الطبيب وترى بأن التداوي بالأعشاب أو اقتناء الأدوية من الصيدلية وتناولها، يكفي للشفاء، لكنها تتجاهل أنها تنقل عدوى كورونا إلى الآخرين.
وبهذا الخصوص، أخبرنا محمد أن زميله في العمل كان قد فقد حاستي الذوق والشم، لكنه لم ينقطع عن العمل وظل على اتصال مع كل زملائه لغاية وفاة أحدهم. ويضيف محمد أن التحاليل أظهرت أن الشخص المتوفى مصاب بكورونا ليتم إخضاع جميع العمال للكشف السريع وإلزامهم بالحجر المنزلي لمدة 14 يوما، ليؤدي التحقيق الوبائي لمعرفة ناقل العدوى الذي أنكر علمه بأنه حامل للفيروس، في حين أن أحد العمال وهو جاره، ذكر أن المعني كان يخضع للحجر المنزلي بعيدا عن عائلته ولكنه أخفى إصابته عن الهيئة التي يشتغل بها.
السيدة مريم حالة أخرى ذكرت أنها تعاني منذ مدة من الحساسية وتفقد أحيانا حاستي الذوق والشم مثلما حدث لها مؤخرا، وبما أنها تعمل ممرضة فهي تعلم أن الأمر يتعلق بأعراض كورونا، لكنها “خجلت” من إخبار مسؤوليها وواصلت العمل إلى أن أصيبت زميلتها بأعراض كورونا المتمثلة في الحمى والسعال والوهن، مما اضطر إدارة العيادة العمومية لإخضاع الجميع للحجر الصحي والكشف السريع، فتبين أن الجميع أصيب بكوفيد 19 بدرجات متفاوتة.
99 بالمائة من فاقدي الذوق والشم مشتبه في إصابتهم بكوفيد19
ويحذر الأطباء من لجوء المواطنين للتداوي العشوائي من فيروس كورونا، وخاصة من لديهم أعراض فقدان حاستي الذوق والشم، حتى لا تتعقد حالتهم الصحية، ففقدان حاسة الشم يأتي دائما متزامنا مع فقدان الذوق لأن هذا الأخير مرتبط بالشعيرات العصبية الموجودة في الجهة العلوية للأنف، علما أن الإصابة بالأنفلونزا كانت تسبب هذا العارض ولكن بنسبة ضعيفة مما يجعل المصاب لا يوليها أهمية، لكن مع فيروس كورونا أصبحت النسبة مرتفعة جدا ما دفع العلماء إلى تصنيفه ضمن أعراض الإصابة بالفيروس المستجد.
ومن خلال عدة دراسات قام بها أطباء من عدة دول وحتى في الجزائر، على عينات من المصابين الذين كانوا يخضعون للعلاج من “كوفيد 19″، أظهرت أن 99 بالمائة من هذه العينات كانت تعاني من فقدان حاستي الذوق والشم، كما أن 20 بالمائة منها فقط تخضع للعلاج في المستشفيات، بينما 80 بالمائة الباقية من حاملي الفيروس لا تظهر عليها أعراض أو لديها أعراض خفيفة مثل فقدان الذوق والشم، وبالتالي فهي تنقل العدوى دون أن تعلم، وهذا ما قد يكون من عوامل الارتفاع الكبير لعدد الإصابات في الآونة الأخيرة.
ل.ب