ما بعد كورونا

ما بعد كورونا

مرت شعوب العالم كلها بجائحة كورونا، وقد عانت أغلبها، وفقدت الأسر الكثير من أبنائها من مختلف الأعمار. بعد أن أذاقتنا مرارة الفقد والمرض والقلق والتوتر والانطواء. فهل أثرت فينا؟ وهل كان حضورها المفاجئ المباغت ومكوثها المطول غير المرغوب فيه أي أثر فينا سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول؟ هل نحن أنفسنا منذ سنتين أم تغيرنا؟ والتغير الذي طرأ كيف هو؟

على المستوى الفردي لكلٍّ منَّا: هل غيَّرت طريقة تفكيرنا ونظرتنا للحياة وتقديرها واحتمالية فِقدان الأهل والأصدقاء بمجرد أن أحمل الفيروس إليهم؟ هل تجاوزنا محنة الوباء وحولناها إلى منحة باستغلال أوقات الفراغ التي أرغمنا عليها، من خلال تعطيل المدارس والكثير من المؤسسات الخدماتية؟

على المستوى الجماعة: هل كانت تلك المحنة التي أبعدتنا عن الجماعات والتواصل؛ كالصلاة والاجتماعات العلمية والعملية ذات كسب ودلالات، ذات فائدة أم أنها قد أرخت بظلالها القاتمة علينا وغيبت كل ما هو جميل.

على مستوى التعليم: هل استفاد التلاميذ والطلبة من العطلة التي أجبروا عليها، وهل استطاعوا أن يتوافقوا مع التدريس عن بعد باستغلال التكنولوجيا الحديثة، وهل الكل استطاع أن يواكبها ويستفيد منها.

على مستوى المهني والاقتصادي: هل تأثرت بعض المهن والوظائف بتلك الجائحة؟ وهل بقي العمال محتفظين بأعمالهم ورواتبهم، وهل تمكن البعض من تطويع المحنة إلى منحة باستغلالها وَفق ما تدر عليه من أرباح وفوائد، وهل كان الكل رحماءَ بينهم متآزرين متكافلين، أم أن الجشع قد وجد سبيله إلى بعض النفوس المريضة، فزادوا مرضًا وجشعًا، واستغلوا الكارثة أحقر استغلال ولو على حساب الضعفاء والمساكين.

هي تساؤلات كثيرة قد تكون لبعضها إجابات واضحة علنية بديهية، وقد تكون بعضها مستحيلة. إننا بلا شك لسنا نحن قبل سنتين وقد تغيَّرنا، وتغيَّر نمط حياة أغلبنا، وكل منا اختار سبيلًا لذلك التغيير، سواء كان مجبرًا عليه أو مخيرًا، لا نعرف قيمة النعمة إلا بفِقدانها، فقد افتقد المسلمون زيارة بيت الله حاجين أو معتمرين، وافتقد الجميع التواصل والتقارب، واشتاقوا لكلمة سَوُّوا صفوفكم يرحمكم الله، تراصوا يرحمكم الله؛  إذًا فكورونا لم تكن محنة كليًّا، بل كانت في بعض الأوقات منحًا، استخلصنا منها العبر، ونعمل على تحقيق أكبر قدر من الفوائد، وتذكير الناس بها وتوجيههم إلى أفضلها.