كشفت دراسة حديثة نُشرت شهر مارس الماضي في مجلة «PLOS One»، أن النساء اللواتي يعانين من أعراض انقطاع الطمث أكثر عرضة لتدهور وظائفهن الإدراكية واضطرابات سلوكية خفيفة في مراحل لاحقة من حياتهن، وكلاهما من علامات الخرف، لكن ما تزال العلاقة الدقيقة بين انقطاع الطمث والهرمونات وصحة دماغ المرأة غير مفهومة جيداً.
وجدت الدراسة أن علاج فقدان هرمون الأستروجين بالعلاج الهرموني يُقلل من الاضطرابات السلوكية المرتبطة بالخرف لدى النساء. مع ذلك، لم يُساعد العلاج الهرموني بشكل ملحوظ في الأعراض الإدراكية.
كما حلّل الباحثون في هذه الدراسة، بيانات 896 امرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، يعشن في كندا، كان متوسط أعمار المشاركات نحو 64 عاماً، وكان متوسط أعمارهن نحو 49 عاماً عند بدء انقطاع الطمث.
وباستخدام استبيان، طلب الباحثون من المشاركات الإبلاغ عن أعراض ما قبل انقطاع الطمث لديهن.
وشملت هذه الأعراض عدم انتظام الدورة الشهرية، والهبات الساخنة، والقشعريرة، وزيادة الوزن، وتباطؤ عملية الأيض، والتعرق الليلي، ومشكلات النوم، وأعراض المزاج، وقلة الانتباه أو النسيان، وأعراضاً أخرى لم تُذكر.
وأفاد ما يقرب من 75 في المائة من المشاركات بوجود عرض واحد على الأقل من هذه الأعراض، وكان المتوسط 3.7 عرض.
ثم طلب الباحثون من النساء الإجابة على أسئلة حول أي تغيرات معرفية وسلوكية مستمرة لاحظنها.
وتندرج مشكلات الذاكرة واللغة والتنظيم ضمن الإطار المعرفي، بينما قد تشمل المشكلات السلوكية انخفاض الدافعية، أو فقدان السيطرة على الانفعالات، أو عدم التناسب الاجتماعي.
وأظهرت البيانات أن النساء اللواتي أبلغن عن أعراض انقطاع الطمث أكثر عانين أيضاً من ضعف إدراكي وسلوكي أكبر في منتصف العمر وأواخره.
وقالت الدكتورة زهينور إسماعيل، مؤلفة الدراسة وأستاذة الطب النفسي والأعصاب وعلم الأوبئة وعلم الأمراض في معهد هوتشكيس للدماغ ومعهد أوبراين للصحة العامة بجامعة كالجاري: “ارتبط كل عرض إضافي من أعراض انقطاع الطمث بضعف الوظيفة الإدراكية وزيادة شدة أعراض ضعف السلوك الخفيف”.
لكن الدراسة ليست سوى نقطة انطلاق، فهناك بعض القيود. أولاً، إنها مجرد صورة لحظية، لذا لا يمكنها سوى تحديد الارتباطات بين أعراض انقطاع الطمث والصحة المعرفية والسلوكية.
وصرّحت إسماعيل لمجلة “هيلث” بأنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان عبء انقطاع الطمث المرتفع يسبب بالفعل تغيرات في الدماغ.
وأوضحت أن إجراء مزيد من الأبحاث قد يُسهم في دراسة هذا السؤال، بالإضافة إلى معرفة ما إذا كانت شدة الأعراض أو مدتها لها أي تأثير، بدلاً من مجرد عدد الأعراض.
وقالت: “قد تلعب الشدة دوراً رئيسياً في فهم المخاطر، لذا ينبغي أن تستكشف الدراسات المستقبلية كلاً من عدد الأعراض وشدتها”.
هل يُمكن لعلاج أعراض انقطاع الطمث أن يُقلل من خطر الإصابة بالخرف؟
ما تزال العلاقة بين انقطاع الطمث وخطر الإصابة بالخرف غير مفهومة جيداً، وفقاً للدكتور بانيزون، الذي أوضح أنه يُعتقد أن الهرمونات التناسلية، مثل الأستروجين، تحمي الأعصاب. لذلك، عندما ينخفض مستوى الأستروجين بعد انقطاع الطمث، يُعتقد أن خطر الإصابة بالخرف يزداد. لكن البيانات ليست قاطعة.
وتُشير أحدث دراسة أجرتها إسماعيل وزملاؤها إلى أن مستويات الأستروجين في الجسم قد تكون مرتبطة بتطور الخرف.
وأوضحت إسماعيل أن “الأفراد الذين استخدموا العلاج الهرموني القائم على الأستروجين، مقارنةً بالعلاج الهرموني بالبروجسترون أو العلاج الهرموني غير المُسمى، أو عدم العلاج الهرموني على الإطلاق – سجلوا درجات أقل في ضعف السلوك الخفيف بنحو 26.9 في المائة”.
كما أبلغت المشاركات اللواتي استخدمن العلاج الهرموني القائم على الأستروجين عن مشكلات معرفية أقل، وإن لم تكن ذات دلالة إحصائية.
كيف يمكن للنساء حماية صحة أدمغتهن مع تقدمهن في السن؟
وجدت الدراسة أنه في الوقت الحالي، لا بد من إجراء مزيد من الأبحاث لتأكيد ما إذا كان العلاج الهرموني يُخفف بشكل فعّال من خطر الإصابة بالخرف على المدى الطويل.
هذا لا يعني أن العلاج الهرموني غير مفيد للنساء في سنّ انقطاع الطمث، بل ينبغي اتخاذ قرار استخدام العلاج الهرموني بناءً على أعراض الفرد وتاريخه الصحي، وبالتشاور مع مقدم الرعاية الصحية، كما أوضحت إسماعيل، وليس كاستراتيجية وقائية مستقلة للصحة الإدراكية.
ولكن بينما يواصل العلماء دراسة العلاقة بين انقطاع الطمث والخرف، هناك بعض الأمور التي يمكن للنساء في منتصف العمر وكبار السن القيام بها الآن للمساعدة في حماية صحة أدمغتهن.
ق. م