اليهود في الأصل هم بنو إسرائيل؛ أي: أولاد النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وعندما كانوا كذلك، كانوا أفضل شعوب الأرض؛ فقد خاطبهم موسى عليه السلام كما قص الله عنه بقوله ” قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ” الأعراف: 140، وقال تعالى ” وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ” الجاثية: 16، وقال سبحانه ” وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ” الدخان: 32، 33. ولكنهم لم يشكروا هذه النعم عليهم، ولم يعترفوا بها لله، وأنها منه سبحانه، من أجل أن يخلصوا له في العبادة، فكفروا بنِعَمِهِ، بل كفروا به سبحانه، ووصفوه بالصفات الذميمة، وحاربوا رسله وقتلوهم، وحرفوا ما جاؤوا به من الوحي؛ كما قال تعالى ” فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ” النساء: 155، 156. بذلك وبغيره حاقت بهم عقوبة الله ومَقْتُه وغضبه، ومن تلك العقوبة أن فسدت فطرتهم، وساءت طِباعهم، ومُلِئت قلوبهم بالكبر والحقد، والحسد والعدوانية لجميع أمم الأرض، وصار من أخلاقهم المكر والخبث والمؤامرات، حتى على من أحسن إليهم وأكرمهم؛ قال تعالى “فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” المائدة: 13.
تلك هي أخلاقهم وطباعهم التي أُبْدلوا بها بعد انسلاخهم عن الدين، وتحريف التوراة، وكفرهم بالرسل، بل وقتلهم في أحيان كثيرة. وأما الموقف الخاص من المؤمنين؛ فقد قرره الله تعالى في قوله ” لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ” المائدة: 82، ولم يُبتلَ الإسلام والمسلمون منذ البعثة النبوية بعدد أكثر حقدًا وحسدًا وخبثًا من اليهود، لقد واجه الإسلام أعداءً كثرًا، ولكن لا أحد منهم في منزلة اليهود من العداوة، أليسوا هم الذين حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم في مبنى بني النَّضِيرِ؟! أليسوا هم الذين سحروا النبي صلى الله عليه وسلم؟! أليسوا هم الذين خانوا وانقلبوا عليه وهو يواجه أعتى هجمة عليه يوم الخندق؟! أليسوا هم الذين سمُّوه في خيبر؟! هذه بعض مظاهر عداوتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ومحاولاتهم للقضاء عليه، ثم أليس هم الذين زرعوا الفتنة على يد عبد الله بن سبأ اليهودي؟ الفتنة الكبرى التي راح ضحيتها الخليفة الراشد الثالث عثمان رضي الله عنه، وهم الذين غرسوا في الأمة العقائد الضالة، وما زالت مؤامراتهم ومكائدهم تتوالى حتى كان من آخر ذلك إسقاط الخلافة العثمانية؛ آخر رمز لوحدة المسلمين على ما فيها، ثم طعن العالم الإسلامي في صميم قلبه في فلسطين. ويرى الكاتب مارتن لوثر: “أن التاريخ لم يعرف بعدُ شعبًا مصاصًا للدماء، ولِهًا بالانتقام الدموي، كالشعب اليهودي، الذي يعتبر نفسه الشعب المصطفى المختار، كذريعة يتخذها مبررًا ليبيح لنفسه قتل الآمنين، وسحقهم، وشنقهم”.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي