قال الناقد والأستاذ الجامعي، لونيس بن علي، متسائلا: “كيف يمكن أن تؤسس لثقافة السعادة في بيئة تعادي كل ما هو فرح؟ سؤال يحتاج إلى عمل حفري عميق في ثقافتنا العربية والإسلامية، بما يشمل كل من الأبعاد الأنثروبولوجية والنفسية والاجتماعية والدينية والثقافية”.
وأكد الأستاذ بن علي قائلا: “قليلة هي الروايات التي تصادف بين صفحاتها الكثيرة شخصية سعيدة، أو بطلا مرحا، يقابل الحياة بوجه منفرج، وبفم ممتلئ بكثير من الابتسام ومن الضحك، ومن دون البحث عن أسباب لتفسير مثل هذه الظاهرة، فإن الرواية لا تعكس إلا روح العبوس الجماعي الذي هو علامة ثقافية، تتصف بها الحياة في هذه المجتمعات”.
وأضاف الناقد أنه “قد يتحول اكتشاف شخصية سعيدة في رواية نوعا من الخروج عن المألوف، أو بتعبير أدق، شكل من أشكال التحدي، لكن هذه الشخصية تكاد تكون منعدمة، فيكفي أن تغرق في قراءة أي رواية عربية معاصرة لتحاصرك العيون المغيمة، والنفوس الضيقة، وكثير من السوداوية”، مردفا “أنه لا يمكن صناعة الفرح – ولو أن ذلك قد يشكل فعلا للمقاومة – في مجتمعات تتطير من السعادة، وتنظر إليها بأنها إثم، وعمل من أعمال الشيطان، بل وتختزلها إلى سعادة أخروية فقط، فالسعادة هي الرجاء الممكن في حياة أخروية يجد فيها المؤمن الصادق كل فنون الرفاهية والمتع الموعود بها إن صلحت أعماله، ولا يكون صلاح الأعمال إلا بتجنب أسباب السعادة الدنيوية”.
وانتهى لونيس بن علي إلى أنه “يمكن من خلال هذا التحليل أن نصل إلى استنتاج وهو أن لزومية العنف في حياتنا إنما يبرره غياب ثقافة السعادة، أولا في معجمية التداول اليومي، فالضحك هو مجلبة للريبة والخوف، إذ لا يضحك الشخص إلاّ وقد تراجع عن ذلك الفعل واستعاذ منه، ولا يمكن أن تنجح في حياتك إلا وقد اخترقتك سهام الخوف المتعددة، وبذلك تؤجل فرحك إلى إشعار آخر، بل حتى أننا صرنا أعداء للنجاح لهذه الأسباب بالذات، فكيف للرواية إذن أن تتخيل شخصية مرحة، مقبلة على السعادة بسخاء عميم؟ إنها روايات غير سعيدة”.