لنعيد للمسجد مكانته

لنعيد للمسجد مكانته

المسجد بيت كل مؤمن، وراحة كل تقي، ومنطلق كل قوي، المسجد خير البقاع وأطهرها، وأفضل الأماكن وأرفعها. المسجد في الإسلام شأنه كبير، وحقه على المسلمين عظيم، وحسبك أنه بيت الله، فله حقوقٌ عظيمة، وآدابٌ كريمة، يجب على المسلمين أن يتأدبوا بأدبه ويقوموا بحقه.

1ـ أن نخرج إليه في أحسن صورة: قال تعالى: ” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” الأعراف: 31. كثيرٌ من المصلين اليوم لا يهتم بلباسه عند خروجه إلى الصلاة، بل يصلي بثيابه التي عليه، ولو كانت رثة، أو لها رائحةٌ كريهة؛ كثياب المهنة، ورداء العمل، فيؤذي المصلين بدَرَنها، ويزكم أنوفهم برائحتها، وهذا منهيٌّ عنه شرعًا.

2ـ أن نبادر إليه إذا نادى فيه المنادي: وهنا تبدأ عمارة المساجد على الحقيقة؛ قال تعالى: ” فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ” النور: 36- 38. وفي الصحيحين، قال صلى الله عليه وسلم: “وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا ‌فِي ‌التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ”.

3ـ أن تقول عند دخولك، وعند خروجك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: فقد قال صلى الله عليه وسلم: “‌إِذَا ‌دَخَلَ ‌أَحَدُكُمُ ‌الْمَسْجِدَ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ” رواه مسلم.

4ـ أن يصليَ الداخل ركعتين حين يدخل: وهذه الصلاة تُسمَّى تحية المسجد، ففي الصحيحين من حديث أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، ‌فَلْيَرْكَعْ ‌رَكْعَتَيْنِ، قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ”.

5ـ ألا يُباع فيه ولا يُشترَى: عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا: ‌لَا ‌أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ” الترمذي.

6ـ ألا تُنشَد فيه الضالَّة، ولا يُستخدَم في شيءٍ إلا ما كان من عبادة: فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هُرَيْرَةَ، أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: “مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ ـ أي يطلبها ـ فَلْيَقُلْ: ‌لَا ‌رَدَّهَا ‌اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا”.

7ـ ألا تُرفعَ فيه الأصوات: كثيرٌ من الناس يرتفع في المسجد صوتُه، وقد يقع في الجِدال، والسَّبِّ، والشتم، عياذًا بالله، ونسي أنه في بيت الله! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى من يقرأ القرآن أن يرفع صوته، لئلا يشوش على غيره، فكيف بمن يرفع صوته في المسجد بغير القراءة.

8ـ أن نحافظ على نظافته: فإذا كانت النظافةُ عمومًا من الإيمان، فإن نظافة المسجد من أوثق عُرى الإيمان، فعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ “أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ ‌الْمَسَاجِدِ ‌فِي ‌الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ” الترمذي.

9ـ تعميره بدروس العلم، ومجالس العلماء: وهذا لعَمرُ الله – بعد الصلاة – العمارة الحقيقية لبيوت الله. فمهمة العالم والداعية، ليست أن يؤمَّ الناس في الصلاة فقط، هذا يُحسنه الكثير، ولكن المهمة الرئيسة للعالم والداعية وإمام المسجد، أن يُعلِّم الناس دين ربِّهم، أن يُعلِّمهم ما تصح به عقيدتهم وعبادتهم ومعاملاتهم وسلوكياتهم، بل وأفكارهم وتصوراتهم، ووجب على الناس أن يُعطوا من أوقاتهم لتعلُّم دين ربهم، وأن يُثنوا رُكبَهم بين أيدي علمائهم.

 

من موقع الالوكة الإسلامي