لنحسن من عبادتنا

لنحسن من عبادتنا

هناك كثيرٌ ممن إذا أدى العبادةَ أخلَّ ببعض سُننِها ومستحباتها، وربما خلطها ببعض المكروهات أو المحرَّمات. فهذه العبادةُ وإن أجزأت، إلاّ أنّه ينقُصُ من ثوابها بمقدارِ ما نقَصَ من حُسنِها وتمامها، ولذلك شُرع للمسلم أن يُحسِّنَ ويكمَّل عباداته المفروضة والواجبة، بالنوافلِ التي هي من جِنسِها، كالسنن الرواتب ونحوها بالنسبة للصلاة المفروضة، وكصيام الاثنينِ والخميسِ والأيام البيض وست من شوال بالنسبة لصوم رمضان، والصدقة بالنسبة للزكاة المفروضة، ونافلة العُمرة بالنسبة لفريضة الحج.. فكلُّ ذلك جبرٌ وتحسينٌ وإتمامٌ لما نقَصَ من الفرائض والواجباتِ، كما جاء في الحديث القدسيّ الصحيح: “أنّ الله عزّ وجلّ يقول يومَ القيامة: انظروا هل لعبدي من تطوّع، فيُكمَّل بها ما انتقَصَ من الفريضة”… كما أن مَن إحسان العمل المحافظةِ عليه بعد أداءه، وذلك بتجنُّب ما قد يُبطِلُ ثوابَه، أو يُنقصُ جزاءه، تأمل قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ” محمد: 33.

والمعنى أنّ المعصيّةَ قد تُبطلُ العمل، وفي صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: “أَتَدْرُونَ من المُفْلِسُ؟”، قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: “المُفْلِسَ مِن أُمَّتي من يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ”. وفي الصحيحين أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الرجلَ ليتلَّكم بالكلِمةِ ما يتبيَّن فيها يزلّ بها في النّارِ أبعدَ مما بينَ المشرقِ والمغرِب”. فهل يتنبَّهُ لهذا من أطلقَ لسانه يفري في أعراض المسلمين، وينقلُ الاشاعات بينهم، ويتقوَّلُ في دينِ الله بلا عِلمٍ ولا بصيرة.. وهل يتنبَّهُ لذلك من أطلقَ بصرهُ في مشاهدة الحرام وسماع الحرام.. وهل يعي ذلك من استمرأ الاختلاس والرِّشوة والمالَ الحرام.. وهل يعي ذلك من يتعدى على المسلمين بالظلم والأذى بغير حق.

 

موقع إسلام أون لاين