ولِكي لا نقسُو
على قلبينا بأسواطِ اللّومِ
ولكي لا نصِيرَ أرجوحةً
في أيادي الغباءْ
و لكيّ لا يجفّ
بين روحينا نهرُ الصّفاء
و لا نحيـدَ بالوهمِ
عن دُروب اليقين
ونُلوِّثَ بالشَكِّ
نبعَ النقاء
و لكي نتفادى
متاهةَ الخوض
في تفاصيل
القَدر والقضاءْ
و لِكي لا تصلَ
أصداءُ حيرتنا
لِعنان السّماء
وتحبسُ أمطارها
غضباً
ولا نجدَ حينها
مَن يُواسي أحزاننا
ونحنُ نقْرأ
قَصائدنا للمساءْ
علينا بِسَدِّ أنفاس
الحديث
ليأخذَ الصّمتُ
دورَ الغطاء
لِنُعطِ للصّمت
فُرصةً للكلام
لنهدأ لكيّ
لا نُشوِهَ بالقولِ
رغبتنا في البقاءْ
و لكي لا نصِير لعنةً
في مهبِّ الرّياح
تُلاحقُ
ذكرياتِنا في الشّتاء
ولكي نظلّ
قريبين
غير وحيدين
ولنُؤبِّدَ بيننا
عُمرَ اللقاء
علينا بالصّمت
حصْناً منيعاً
ضدّ كُلّ هزّاتِ الأنَا
والغُرورِ
ضِدَّ الأسَى والشّقـاء
مدينتي والمطـر
لَم تعُـدْ مدينتي بائسةً
ومأوى للضّجيجِ
والضّجر
هَبَّ النسيمُ
في سَمائها
ودقَّ ناقوسُ
المَطَـرْ
بُيوتُها تلتحفُ
لَون الخريفِ
كأنَّما جُدرانها
مِن مـاء
ونوافذُها
مِن وَرقِ الشَّجَرْ
صارت مدينتي
قلعةَ سـلامٍ
وأجواء للحُبِّ
والحنينِ و السَّفـرْ
طُول النّهارِ
في حُضنِ السَّحَابِ
وفي الليـل
يحرسُها القمـرْ !..
أنــا والمطــر
وهل تتمدَّد
على الأرض
وتُلقي التحيّة
على الأرصفة
تُقبّـلُ النوافذَ
المُبلّلة
تُداهم بوجهكَ
البّاسمِ
أوراقَ الشّجر
تُعانقُ
البُيوت الضّاحكة
تركضُ
ركضةَ الأطفالِ
الرَّاقصة
في طريقِ المدرسة
تُلاحق
بِـركَ الماء
تُبعْثِر
هُدوءها
كمجنونِ المدينة
وهل تعودُ
طفلاً صغيراً
طائشاً
يُلوِّحُ
بيديه للسَّمـا
يحلمُ
أن يسبحَ في غيمةٍ
لا يعرفُ للحُبِّ
معنى
لكنه يُحسّه جداً
مثلي أنا
حينما يأتِي المطـر