لمواجهة السرقات وجرائم القتل.. الإجرام يعود إلى عنابة ومصالح الأمن تكثف حضورها

لمواجهة السرقات وجرائم القتل.. الإجرام يعود إلى عنابة ومصالح الأمن تكثف حضورها

استفحلت، مؤخرا، ظاهرة الإجرام بعنابة وعرفت منحى خطيرا، بعد تسجيل خلال الشهرين الأخيرين جريمتي قتل ومحاولات قتل عمدي بالأحياء الشعبية وكذلك التجمعات السكنية الحضرية الجديدة منها حي بوخضرة، الذي اهتز على وقع جريمة قتل راح ضحيتها شخص قتله شقيقه المختل عقليا بعد ملاسنات كلامية بينهما، ناهيك عن الشجارات والعراك الذي يسجل يوميا بالسلاح الأبيض.

ولتضييق الخناق على المجرمين ومواجهة العصابات، وضعت، مؤخرا، المصالح الأمنية بعنابة، خطة استراتيجية لتقليص معدل الإجرام الذي تزايد بقوة، قرار مصالح الأمن بالولاية جاء طبقا للقانون الذي وضعته الحكومة لمعاقبة العصابات التي تروع سكان الأحياء، وهي عقوبات قاسية قد تخفف من حدة هذه الظاهرة.

 

عنابة بؤرة للعصابات الإجرامية والأمن يواجهها بالردع

نجحت مصالح أمن عنابة منذ حلول فصل الصيف في وضع حد للعصابات التي تكثر خلال فترة الليل، حيث تستغل حركية المواطنين وتنقلهم لتنفّذ سرقاتها باستعمال السلاح الأبيض، وعليه عقدت الجهات الأمنية مع أعوانها اجتماعا لإطلاق خطة عمل ناجحة تعمل على تأمين كل الأحياء والتجمعات السكنية وحتى البلديات شبه الحضرية والحضرية، خاصة مع التوسع العمراني الأخير الذي عرفته المنطقة بعد بناء المدينة الجديدة ذراع الريش وكذلك الكاليتوسة، بوخضرة، بوزعرورة والبركة الزرقاء وغيرها.

هذه الأحياء الجديدة عرفت مواجهات بين عصابات الأحياء، خاصة منها الكاليتوسة و الصرول والبوني، وللتصدي للمجرمين تم إضافة عناصر أمنية وضمان تغطية كل النقاط السوداء بعناصر الشرطة والدرك الوطني، وهو ما ساهم في تغطية العجز بكل محطات النقل والشواطئ والشوارع والمساحات الخارجية، وقد تم خلال موسم الاصطياف تنصيب أكثر من 5 آلاف رجل أمن يقوم بكل عزيمة على تعزيز الأمن وإنجاح مخطط الحكومة الرامي إلى الإطاحة بالعصابات الإجرامية المنظمة بمختلف أنواعها.

 

الرقم الأخضر يطيح بشبكات الإجرام بأحياء عنابة

في سابقة تعد الأولى من نوعها، تمكنت مصالح الدرك الوطني بعنابة، أول أمس، من الإطاحة بجماعة أشرار زرعت الرعب في وسط المواطنين وسكان الحي الشعبي الصرول باعتداءاتها وسرقة المنازل، حيث تلقت ذات الجهات الأمنية عدة مكالمات هاتفية وشكاوى من طرف الضحايا لتضع خطة ناجحة وتطيح بعشرة أشخاص بينهم قاصر يروجون السموم ويروعون العائلات بعنفهم واعتداءاتهم، ليتم تحويلهم على وكيل الجمهورية لدى محكمة الحجار للنظر في قضيتهم التي جاءت في وقت تم فيه إصدار قانون بأمر من رئيس الجمهورية لمعاقبة عصابات الأحياء والمجرمين ووضع حد لهم، وقد تصل العقوبات إلى 10 سنوات سجنا نافذا، خاصة إذا كان أفراد العصابة مسبوقين قضائيا.

وفي سياق متصل، تمكنت مصالح الشرطة بعنابة في عدة مراسلات لها من الإطاحة بأكثر من 500 شخص من حاملي السلاح الأبيض وترويج السموم والأقراص المهلوسة وسط الأحياء، وهو ما ينعكس سلبا على الأطفال، ولتضييق الخناق على المجرمين يتم الإستنجاد بالرقم الأخضر، وهو رقم أطاح برؤوس كبار المجرمين بعنابة وما جاورها.

 

حملات تحسيسية وجوارية لمواجهة الإجرام بعنابة

وضعت الجهات الأمنية برنامجا خاصا لتنظيم حملات تحسيسية جوارية وتنمية الحس المدني للتعاون معهم ومرافقتهم من أجل تحديد هوية المجرمين بكل حي أو تجمع سكني، وسيتم تمديد البرنامج مع الدخول الإجتماعي الجديد، لتكثيف الرقابة على العصابات وإحباط كل خططهم مع توفير الأمن والسكينة داخل الحي السكني.

كما سيتم تحسيس التلاميذ والقصر بالتبليغ على أي تصرفات قد تصدر من هذه العصابات مثل إعطاء سموم للصغار والمراهقين أو بيعها، وسيتم القيام بدوريات تسلسلية في الأحياء القريبة من التجمعات المدرسية لحماية التلاميذ من هذه السموم القاتلة.

 

مركز أمني بالكاليتوسة يؤمّن حياة العائلات من السرقات والإعتداءات

يعتبر التجمع السكني الجديد الكاليتوسة التابع إداريا لدائرة برحال، من التجمعات التي تكثر فيها الإعتداءات والمواجهات بالسيوف والخناجر، وترويج المخدرات، ناهيك عن العراك والمشاجرات اليومية التي تسفر في كل مرة عن اقتياد المنحرفين إلى المركز الأمني الجديد الذي يعتبره سكان حي الكاليتوسة مأمنا لهم لتضييق الخناق على العصابات التي تنفّذ سرقتها بالإضافة إلى العراك اليومي بالسيوف، وهو ما زاد من خوف ورعب المواطن العنابي. وبعد تكثيف نشاط الأمن بالمنطقة، تم تسجيل تراجع في نسبة الإجرام واحتواء المشاكل اليومية مع تهدئة الوضع وامتصاص غضب العائلات التي ملت من الفوضى.

 

الجمعيات والمسجد عنصران مهمان في التحسيس والتقليص من الإجرام بعنابة

طالبت العائلات العنابية بضرورة تدخل الجمعيات الفاعلة التي تهتم بمشاكل المجتمع للقيام بحملات تحسيسية خاصة تلك التي لها علاقة بمكافحة المخدرات وغيرها، مع مساعدة رجال الأمن للوصول إلى المجرمين خاصة الجمعيات المتواجدة بالأحياء الشعبية والتي يجب أن تنزل إلى الشارع وتصغي للمواطن وتنسق معه لتلعب دور المصلح الإجتماعي، وتزرع الهدوء بالمنطقة من خلال تنظيم مداخلات ودعوة رجال الأمن، لشرح الآليات الحديثة والخاصة بمواجهة الجريمة المنظمة التي استفحلت في وسط المجتمع الجزائري عامة والعنابي على وجه الخصوص.

وبعد عودة المنابر الدينية إثر غلقها لستة أشهر بسبب وباء كورونا، تعد المساجد الأكثر تواجدا في الأحياء والشوارع لتنظيم دروس خاصة بالإجرام وتوجيه الشباب ومرافقتهم إلى ترك السرقات والإعتداءات، وفي انتظار تحرك هذه المنابر الفعالة في المجتمع يبقى المواطن العنابي ينتظر تغيير الصورة القاتمة للبلديات والأحياء السكنية.

 

مختصون في علم الإجتماع يشرحون سبب عودة الجريمة إلى الصدارة بعنابة

أرجع العديد من المختصين في علمي الإجتماع والنفس عودة الإجرام إلى بعض الولايات الجزائرية منها عنابة إلى الوضع الصحي الحالي والضغوطات النفسية والصحية التي عاشتها العائلات، فالحجر الصحي كان له أثر نفسي كبير، خاصة بالنسبة لوضع رزنامة خاصة بحركية المواطنين ومنعهم من الخروج في بعض الأوقات، كل هذا انعكس سلبا على الوضع الداخلي للمواطنين والشباب خاصة مع تسريح العمال وغلق المؤسسات التي تأثرت بالوضع الصحي، ووجدت نفسها عاجزة عن مواصلة العمل، كل هذا تولد عنه الفقر والبطالة، وهذه عوامل كافية لعودة الفوضى من جديد من أجل العيش.

من جهة أخرى، اغتنمت العصابات الإجرامية فترة الحجر الصحي لتنفذ عملياتها من سرقات واعتداءات على المحلات وترويج السموم بعد توجه كل الجهات المحلية والأمنية للبحث عن آليات لمواجهة وباء كورونا وتقديم مساعدات إنسانية للمواطنين من مواد غذائية وغيرها وإقناعهم بالبقاء في منازلهم، وعليه فإن وباء كورونا كانت له آثار سلبية على الصحة ونفسية المواطن الجزائري، كما أثر على الاقتصاد الوطني كثيرا، وعليه فإن الدولة تحاول تقديم خطة ناجعة لتحقيق الإكتفاء الغذائي والاستقرار والأمن.

 

سكان عنابة راضون على قرار الحكومة لمواجهة العصابات

أبدى سكان عنابة فرحتهم إزاء صدور قانون خاص لمعاقبة عصابات الأحياء، وهو ما سيخفف من حدة الإعتداءات على ممتلكاتهم، ويحميهم من ظلم المجرمين الذين يفرضون قوتهم على الشارع لينصبوا أنفسهم سادة على الأحياء الشعبية، ومن ثم ينشرون سمومهم ويسرقون ويحملون السلاح الأبيض، وهو ما يخيف سكان هذه المناطق التي أصبحت تحت رحمة المجرمين وبعد صدور القانون الأخير الخاص بتسليط أقصى عقوبة على المجرمين مع نجاح خطة مصالح الأمن في الإطاحة بهم، لاحظ سكان الولاية عودة بعض الهدوء والاستقرار إلى المنطقة مع الحفاظ على العلاقات بين الأفراد.

أنفال. خ