لماذا نتعلم ؟

لماذا نتعلم ؟

إن الإنسان العاقل هو الذي يكون له هدف واضح من أعماله، والتعلم من الأعمال التي يقضي فيها الإنسان سنين طويلة من عمره، فلا بد أن يعرف لماذا يتعلم. ولا بد أن يكون الهدف سليمًا، فعن عبد الله قال: مَن طلب العلم لأربعٍ، دخل النار أو نحو هذه الكلمة؛ ليباهي به العلماء، أو ليُماري بها السفهاء، أو ليَصرف به وجوه الناس إليه، أو ليأخذ به من الأُمراء. نتعلم لنحصل على السعادة في الدنيا والآخرة. أما سعادة الدنيا، ففي جوانب عدة؛ منها: تحصيل التخصص الذي ينال به الوظيفة، والمكانة الاجتماعية، فالجاهل لا يمكن أن يكون سعيدًا، ولا يجد تقديرًا عند الناس، وكفى بالإنسان ذمًّا أن يقال له: يا جاهل. إننا نحتاج للعلوم بشتَّى صنوفها؛ في الصناعة، في الطب، وفي جميع مجالاتها التجريبية والمدنية؛ وذلك لأن بها يحصل فرْض الكفاية التي من خلالها تستغني الأمة عن غيرها، ومن خلالها تخرج الأمة من كونها فتنة للذين كفروا، فإن من صور افتتان الكفار ما عليه المسلمون اليوم من الضَّعف والانكسار والتقهقر الحضاري الذي جعل المسلمين في آخر الرَّكْب.

وأما سعادة الآخرة، فتكون في عدة أمور: نتعلَّم لنعرف ربَّنا، ولتحقيق معرفة الله سبحانه وتعالى ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ” فاطر: 28. عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو تعلمون ما أعلم، لضحِكتم قليلاً، ولبكيتُم كثيرًا، ولخرَجتم إلى الصُّعُدات تجأرُون إلى الله، لا تدرون أتنجون أم لا تنجون”. قال الإمام أحمد رحمه الله فكل ذلك يدل على أن كل مَن كان بالله عز وجل أعرفَ، كان منه أخوفَ؛ “إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة”. كذلك نتعلم لنعرف نبيَّنا؛ ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ” الأحزاب: 21. نتعلم لنعرف الطريق إلى الجنة، فالطاعات هي طرق الجنة: نعرف الحكم، والفضل، والكيفية.  نتعلم لنتجنَّب الطرق المؤدية إلى النار، فالمعاصي هي طرق النار، حكمها وما يترتب عليها من الضرر في الدنيا، والعذاب في الآخرة. نتعلَّم لنكون في عِداد مَن أثنى الله عليهم في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ” الزمر: 9، ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ” المؤمنون: 1، 2. نتعلَّم ليَعصمنا الله جل وعلا من الفِتن، والفتن كثُرت في هذا الزمان، وهي على مر الوقت ستكثُر؛ لأنه كلما تقدَّم الوقت، كثُرت أسباب الضلال، وأسباب الزَّيغ، وأسباب الشر على مر العصور؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “لا يأتي عليكم زمانٌ إلا الذي بعده شرٌّ منه” البخاري؛ سواء كانت الفتن من فتن الشهوات، أم من فتن الشُّبهات.

من موقع الالوكة الإسلامي