يروى أن سيدنا موسى عليه السلام خرج يومًا يستسقي، فلم ير في السماء سحابة واشتد الحر، فقال موسى: يا رب! اللهم إنا نسألك الغيث فاسقنا، فقال الله جل وعلا: يا موسى! إن فيكم عبدًا يبارزني بالذنوب أربعين عامًا، فصح في القوم، وناد إلى العباد: الذي بارز ربه بالذنوب والمعاصي أربعين عامًا أن اخرج. فقال سيدنا موسى: يا رب! القوم كثير والصوت ضعيف، فكيف يبلغهم النداء؟! فقال الله: يا موسى! قل أنتَ وعلينا البلاغ، فنادى موسى بما استطاع، وبلغ الصوت جميع السامعين الحاضرين. فما كان من ذلك العبد العاصي – الذي علم أنه المقصود بالخطاب، فلو خرج من بين الجموع، عُرف وهتك ستره، وانفضحت سريرته وكشفت خبيئته – فما كان منه إلا أن أطرق برأسه وأدخل رأسه في جيب درعه أو قميصه، وقال: يا رب! اللهم إني أتوب إليك فاسترني، اللهم إني أتوب إليك فاسترني، اللهم إني أتوب إليك فاسترني، فما لبث موسى ومن معه إلا أن أظلهم الغيم، وانفتحت السماء بمطر كأفواه القِرَب.
فقال موسى: يا رب! سقيتنا وأغثتنا ولم يخرج منا أحد! فقال الله: يا موسى! إن من منعتكم السقيا به تاب، وسألني وأعطيته وسقيتكم بعده، فقال موسى: يا رب! أرني ذلك الرجل، فقال الله جل وعلا: يا موسى! سترته أربعين عامًا وهو يعصيني، أفأفضحه وقد تاب إليَّ وبين يدي؟. هذا المشهد اليوم من أجل أن نقول من خلاله هل عرفتم السبب لماذا تأخر نزول المطر إلى الآن؟! بالرغم من خروج الكثير من الناس لصلاة الاستسقاء. فإذا كان سيدنا موسى عليه السلام وهو نبي من أنبياء الله تعالى، ومن أولي العزم، وهو كليم الله، ومع ذلك عندما خرج ببني إسرائيل يصلون صلاة الاستسقاء لم ينزل المطر، والسبب أن فيهم عبدًا واحدًا عاصيًا هو الذي حبس المطر، فماذا نقول نحن والذنوب والمعاصي في اغلب المجتمع؟!. لو نظرنا إلى مجتمعاتنا اليوم سنجد: كم من المسلمين من لا يصلون بالكلية؟!، وكم منهم من ترك الجمعة والجماعات؟! وكم من المصلين من يصلي ولكنه يؤخر الصلاة عن وقتها؟! كم من المسلمين من لا يخرجون الزكاة، بل ويتفننون في الهروب منها؟! كم من ولد عاق لوالديه؟ وكم من أب ظالم لأولاده؟ وكم من أخ أكل حق إخوانه وأخواته من الميراث وغيره؟ وكم من زوج ظالم لزوجته؟ كم من أولياء الأمور من يسمحون لبناتهم وزوجاتهم وأهل بيتهم يخرجن متبرجات متزينات ويلبسن الملابس المغرية للشباب؟ وكم من الناس من يسهر كل الليل على معصية؟. فالجواب على سؤال الكثير من الناس اليوم: لماذا تأخر نزول المطر إلى الآن؟! تأخر المطر بسبب ذنوبنا.. وما هو الحل؟ الحل: أن نعود إلى الله، وبتوبة صادقة، ونكثر من الاستغفار، فإن فعلنا ذلك، فإن الله سيستجيب لدعائنا يوم أن نقول: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.