إن للعمل منزلةٌ شريفة في الإسلام أيًّا ما كان ذلك العمل، شرْطَ أن يكون مباحَ الأصل، نافعًا غير ضار، وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم، بمفهومه الشامل للعمل الدُّنيوي والأُخروي؛ قال تعالى ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ” النحل: 97، فدلَّت الآية على إكرام الله تعالى للعاملين من الرِّجال والنِّساء عملاً صالحًا بالسَّعادة في الدنيا، فعلى المسلم أن يحرِصَ على عمل الصالحات، وأن يُخلص نِيَّته لله تعالى في كلِّ عمل صالح؛ لقوله تعالى ” لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ” الملك: 2. وجاءت آياتٌ كثيرة في القرآن تدلُّ على أن الأنبياء كانوا يعملون في عدد من الحرف والصناعات اليدوية، فهذا نوح عليه السلام كان يعمل في النِّجارة وصناعة السفن: ” وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ” هود: 37، ومِن ذلك قوله تعالى عن داود عليه السلام ” وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ” سبأ: 11.
وموسى عليه السلام عَمِل أجيرًا عند الرجل الصالح؛ قال تعالى “قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ ” القصص: 27، فتزوج ابنته، وعمل عنده عشر سنين، وعمل زكريا عليه السلام في النجارة والخشب؛ يقول صلَّى الله عليه وسلَّم “كان زكريا عليه السلام نَجَّارًا” رواه مسلم، قال النووي: “فيه جواز الصنائع، وأنَّ النِّجارة لا تُسقط المروءة، وأنَّها صنعةٌ فاضلة”. وقد حثَّ على العمل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فكان خيرَ العاملين؛ قالت عائشة رضي الله عنها” كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَخصِفُ نعله، ويَخيط ثوبَه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدُكم في بيته” رواه الترمذي، وعمل نبيُّنا محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم في رعْي الغنم؛ كما ثبت في صحيح البخاري: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “ما بَعثَ الله نبيًّا إلاَّ رَعَى الغَنم”، قالوا: وأنت يا رسولَ الله؟ قال: “وأنا كنتُ أرعاها على قراريطَ لأهْلِ مكَّة”، ومارس رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم التجارة بأموال خديجة رضي الله عنها مضاربةً.
موقع إسلام أون لاين