تأمل في أعداد البشر اليوم أكثر من سبعة مليار نسمة، أكثرهم لم يفقه الجواب على هذا السؤال، فهم يكدون في هذه الحياة طلبًا لإسعاد أنفسهم فيتقلبون في صنوف الشقاء. لماذا أنا هنا؟ هل أنا هنا للهو واللعب؟ هل أنا هنا للأكل والشرب؟ هل أن هنا لإشباع رغباتي وشهواتي؟ هل أنا هنا للكسب وجمع المال؟ هل أنا هنا للسفر والترحال والتنقل؟ هل هذه الغاية التي من أجلها خُلقت ووُجدت؟. بيَّن الله جل وعلا الغاية من خلق الثقلين؛ فقال سبحانه ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” الذاريات: 56، لماذا أنا هنا؟ أنا هنا لعبادة الله عز وجل، هذه الغاية الكبرى التي جهلها أكثر البشر، أنا هنا لعبادة الله عز وجل، أنا هنا للصلة به، أنا هنا لمحبته والانقياد له، حياتي كلها لله عز وجل: ” قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ” الأنعام: 161 – 163. كيف نحن مع توحيد الله والبراءة من الشرك؟ هل نصرف كل عبادتنا لله، فلا ندعو غير الله، لا نطلب جلب النفع ودفع الضر من غيره؟ هل نفرده بالحب والتعظيم؟ ذلكم هو توحيد الله، كيف نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته والتأسي به؟ كيف نحن مع الصلاة؟ كيف نحن مع بر الوالدين وصلة الأرحام أعظم الحقوق عند الله قرنها بتوحيده؟ هل نتلذذ بر والدينا وصلة أرحامنا، نستشعر أننا بصلتهم يصلنا الله، فتصل إلينا الخيرات والمسرات؟. كيف نحن مع زوجاتنا وأهلينا، هل نعاملهم على أنهم نعمة الله وآية من آياته جل وعلا، فتكون علاقتنا بهم قائمة على الحب والمودة والرحمة؟ هل نستشعر قول رسول الله صلى الله وسلم: “اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة” رواه أحمد. لماذا أنا هنا؟ لتكون حياتي كلها لله، قلب تقي نقي شاكر، وعمل صالح، ولسان ذاكر، وخلق كريم، وجوارح طائعة لربها منقادة له. هنا السعادة والهناء، الابتسامة في وجه مَن تلقاه صدقة، وطلاقة الوجه معروف، والسلام جالب للمحبة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، نفعك للناس وإحسانك إليهم جالب لمحبة ربك، هنا السعادة والهناء، لا كبر ولا غش، ولا وشحناء ولا بغضاء، صفاء ونقاء، حب وتواصل، ولقاء، هذه هي العبودية.
موقع إسلام أون لاين